للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: اجلس .. فأبى .. فتشهد أبو بكر رضي الله عنه .. فمال إليه الناس وتركوا عمر] (١) فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فإن محمدًا قد مات .. ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت .. وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} فنشج الناس يبكون" (٢) بكاء المفجوع الذي أدرك الحقيقة وأفاق مما هو فيه من صدمة .. كان ابن عباس هناك وقد وصف حال الصحابة بعد خطبة أبي بكر فقال: "والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها من الناس كلهم فما أسمع بشرًا من الناس إلا يتلوها" (٣) كان أبو بكر رضي الله عنه رجل المهمات الصعبة والأزمات .. أعاد الأمة إلى صوابها وقال لها في غياب نبيها المفجع: إن هذا النبي الحبيب مازال بشرًا .. وأن الغلو فيه ليس من صفات المؤمنين .. فلم يبق سوى الصلاة عليه واتباع رسالته والمشي على خطاه .. وما عدا ذلك فهو من الغلو الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حي: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله" (٤)

أما عمر رضي الله عنه فكان أكثر المتأثرين بتلك الآيات وبخطبة أبي بكر لدرجة أنه سقط على الأرض من شدة التأثر ..

يقول رضي الله عنه: "والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها


(١) صحيح البخاري ١ - ٤١٩.
(٢) صحيح البخاري ٣ - ١٣٤١.
(٣) صحيح البخاري ج: ٤ ص: ١٦١٨.
(٤) صحيح البخاري ٣ - ١٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>