شركه، فأخذناه فقلنا: يا أبا جابر، والله إنا لنرغب بك أن تموت على ما أنت عليه، فتكون لهذه النار غدًا حطبًا، وإن الله قد بعث رسولًا يأمر بتوحيده وعبادته، وقد أسلم رجال من قومك، وقد واعدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - للبيعة.
فأسلم وطهر ثيابه، وحضرها معنا، فكان نقيبًا، فلما كانت الليلة التي واعدنا فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بمنى أول الليل مع قومنا، فلما استثقل الناس في النوم تسللنا من قريش تسلل القطا (١)، حتى إذا اجتمعنا بالعقبة، فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعمه العباس، ليس معه غيره، أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، فكان أول متكلم، فقال العباس: إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وهو في منعة من قومه وبلاده، وقد منعناه، ممّن هو على مثل رأينا فيه، وقد أبى إلا الانقطاع إليكم وإلى ما دعوتموه إليه، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه فأنتم وما تحملتم، وإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانًا فاتركوه في قومه، فإنه في منعة من عشيرته وقومه. فقلنا: قد سمعنا ما قلت. تكلم يا رسول. فتكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، ودعا إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وتلا القرآن، ورغب في الإِسلام، فأجبناه بالإيمان به والتصديق له، وقلنا له: يا رسول الله خذ لربك ولنفسك. فقال: إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم. فأجابه البراء بن معرور فقال: نعم، والذي بعثك بالحق ما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحرب، وأهل الحلقة .. ورثناها كابرًا عن كابر، فعرض في الحديث أبو الهيثم بن التيهان، فقال: يا رسول الله، إن بيننا أقوامًا حبالًا، وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن الله أظهرك أن ترجع إلى قومك وتدعنا. فقال