للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جدران الغار حب الله وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم -: (لقد كان أبو بكر مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في الغار، فأصاب يده حجر، فقال:

إن أنت إلا إصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت) (١)

ذاك جسد أبي بكر .. أما مال أبي بكر .. كل ماله فهو منثور بي يدي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في الغار .. حمله أبو بكر كله .. وقدمه لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-كله .. حتى صار بيت أبي بكر في مكة خاليًا إلا من الإيمان .. وفتيات رباهن الإسلام وأبو بكر .. هذه إحداهن .. المجاهدة العظيمة ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر تقول: (لما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وخرج معه أبو بكر، احتمل أبو بكر ماله كله ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف -فانطلق بها معه، فدخل علينا جدي: أبو قحافة (٢) -وقد ذهب بصره- فقال: والله إني لأراه قد فجعكم (٣) بماله مع نفسه. قلت: كلا يا أبت، إنه قد ترك لنا خيرًا كثيرًا. فأخذت أحجارًا فوضعتها في كوة (٤) في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبًا، ثم أخذت بيده، فقلت: يا أبت ضع يدك على هذا المال، فوضع يده عليه، فقال: لا بأس إذا كان يترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا إبلاغ لكم، قالت أسماء رضي الله عنها: ولا والله ما ترك لنا شيئًا، ولكن أردت أن أسكت هذا الشيخ بذلك) (٥).


(١) إسنادُهُ صحيحٌ. رواه ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، أن أباه عباد حدثه عن جدته أسماء بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنهما .. ويحيى وعباد ثقتان، انظر تهذيب التهذيب (١١/ ٢٣٤) (٥/ ٩٨) وابن إسحاق لم يدلس فقد صرح بالسماع من شيخه يحيى.
(٢) اسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، مات ابنه أبو بكر قبله وقد أسلم.
(٣) آلمكم وآذاكم، أي أنه لم يترك لكم لا نفسه ولا ماله.
(٤) الكوة: الخرق في الجدار.
(٥) إسنادُهُ صحيحٌ، رواه ابن إسحاق فقال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، أن أباه =

<<  <  ج: ص:  >  >>