للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأقصى") (١) وبهذه التصفية والتربية يبقى الإِسلام جديدًا .. دون شوائب .. دون بدع .. كما أنزل على محمَّد -صلى الله عليه وسلم -.

إذًا فقد سعدت المدينة باحتضانها لمسجد يؤسسه رسول الله -صلى الله عليه وسلم - على التقوى كما سعدت مكة من قبل بتأسيس إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لبيت الله الحرام ..

وبنى -صلى الله عليه وسلم - له بيتًا ملاصقًا للمسجد عبارة عن حجرات صغيرة فسودة قادمة قريبًا من مكة .. أما عائشة فربما كانت مع هذا الركب الذي يلوح بين السراب .. وفيه امرأة حامل .. امرأة عظيمة كانت تحمل المسؤوليات والطعام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - .. كانت تقطع حزامًا لها نصفين ليستخدمه -صلى الله عليه وسلم - في هجرته إلى المدينة فيربط زاده وما يحتاجه .. إنها ذات التاريخ الأبيض .. ذات النطاقين .. أسماء بنت الصديق الأكبر .. والصاحب الأبر .. (هاجرت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - وهي حبلى) (٢) .. لم تبال بثقل حملها فمدينة الأنوار والحب تنتظرها .. وهي لا تستطيع مقاومة ذلك الحب فيها .. أما ذلك الجنين في بطنها فكان على موعد مع السبق والشرف ليكون أولًا في سجلات الهجرة والإِسلام.

أسماء الآن في طريقها إلى المدينة .. هي الآن في قباء قد أثقلها الحمل والتعب .. لا تستطيع المشى .. لا تستطيع الوصول إلى المدينة فآلام الولادة شديدة .. إنها المرة الأولى التي تعاني فيها من هذه الآلام .. فبقيت في قباء حتى تمت ولادتها بسلام وطفلٍ كالورد تحدثنا عنه فتقول: (خرجت وأنا متم .. فأتيت المدينة فنزلت بقباء .. فولدته بقباء .. ثم أتيت به رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه .. فكان أول شيء


(١) حديث صحيح انظر إرواء الغليل (٤/ ١٤٢) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عند البخاري ومسلمٌ.
(٢) حديث صحيح. رواه البخاري (٣٩٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>