التي تتحرق شوقًا إلى أبيها .. إلى أخواتها الحبيبات .. فاطمة ورقية وأم كلثوم .. إنها لا تعلم شيئًا عنهم .. لا تدري هل ستلتقى بهم يومًا من الأيام أم لا .. ونبي الله -صلى الله عليه وسلم- يشتاق إليها ويحبها ويثني عليها ويتمنى قربها وقدومها .. إنها أكبر بناته وقد عانت وعانت الكثير في سبيل الله .. إنها ابنة نبي لكنها زوجة رجل لا يزال على شركه .. رجل صادق ووفي اسمه: أبو العاص بن الربيع وهو شغوف بها ويحبها .. لكن شركه يخنق ليلها وأنفاسها .. فتاة مستضعفة مبتلاة .. وهموم تزدحم في صدر والدها عليها وعلى أختها وعلى كل مستضعف ومستضعفة .. هذا هو ليل زينب الحزينة .. وهذا هو ليل مكة المخيف الذي كان يحمل الفزع إلى إحدى البيوت .. إلى إحدى النساء التي كانت غارقة في نومها حتى انتشلها الفزع وانتشلها فارس الأحلام ..
فارس الأحلام أتاها .. لا ليحملها بين ذراعيه .. بل ليدك بيوت قومها .. فارس الأحلام هذا مخيف ومرعب .. يقفز في الهواء .. فوق الكعبة والجبال .. يحرك الصخور .. يصيح بأهلها .. صوته مخيف .. يتوعد بالموت والشظايا.
تلك المرأة المفزوعة لم تكن بعيدة من زينب بنت نبي الله -صلى الله عليه وسلم .. إنها من أقرب الناس إليها ... وتعيش بالقرب منها .. امرأة من صلب قريش .. إنها ابنة عبد المطلب .. وعمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واسمها: عاتكة بنت عبد المطلب .. فهل يا ترى ستكون رؤياها كرؤيا والدها الذي غاص في الأعماق وحفر زمزم .. أم أن فارس القمم الذي رأته في منامها سيدمدم ما تبقى لقريشٍ من آبار تنضح بالشرك ..
تلك الرؤيا حولت مكة إلى غبار وضجيج ونزاع وتشاتم .. سنخيم