يا معشر قريش إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدًا وأصحابه شيئًا .. والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر إلى وجه رجل يكره النظر إليه .. قتل ابن عمه أو ابن خاله .. أو رجلًا من عشيرته .. فارجعوا وخلوا بين محمَّد وبن سائر العرب .. فإن أصابوه فذلك الذي أردتم .. وإن كان ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون) (١).
كان عتبة بعيد النظر .. خائفا من مصير قومه الأسود الذي يقودهم إليه رجل طائش حاقد هو أبو جهل .. كانت عتبة على جمله الأحمر يدور بين المشركين .. يحاول ثنيهم عن عزمهم فهو يرى الموت سهامًا في نظرات أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - .. ويرى العار في قتل أبناء العم وقتالهم .. كان عتبة على تلك الحال يناشد ويمشي ويناشد ويحاول حقن دماءٍ توشك أن تُسفح على جنبات بدر .. يحاول ردم مقابر ومآسٍ كالهاوية ..
لا بد أن أمية بن خلف كان في تلك اللحظات يستمع إليه .. ويستبشر به ويحتفي بكلماته وقلبه يرقص طربًا بما يقول .. ولسان حاله يقول: لله درك يا ابن عتبة كم أنت رائع .. أنت تنقذني من موت ينتظرني ..
لم يكن من حول عتبة فقط هم الذين يثنون على رأيه .. رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يراقبه من بعيد .. من الجهة الأخرى كان ينظر إليه .. لم يعرف من هو .. لكنه أدرك من حركاته أنها حركات رجلٍ نصوح مشفق على قومه.
(نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عتبة وهو على جمل أحمر فقال:
(١) هذا الأثر هو بقية الأثر السابق (انظر ابن كثير ٢/ ٤٠٧ - السيرة) وشاهده عند الطبري عن حكيم بن حزام، وفيه ضعف ليس بالشديد. (٢/ ٤٤٣).