للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أستسلفك. قال كعب: وأيضًا والله لتملنه. قال: إنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا وسقًا أو وسقين ..

فقال كعب: نعم أرهنوني .. قالوا: أي شيء تريد؟ قال: أرهنوني نساءكم. قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: أرهنوني أبناءكم. قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال: رهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا ولكن نرهنك اللامة (١).

فواعده أن يأتيه، فجاءه ليلًا ومعه أبو نائلة -وهو أخو كعب من الرضاعة- فدعاهم إلى الحصين، فنزل إليهم، فقالت له امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟ فقال: إنما هو محمَّد بن مسلمة وأخي أبو نائلة ..

قالت: أسمع صوتًا كأنه يقطر منه الدم. قال: إنما هو أخي محمَّد بن مسلمة ورضيعى أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب ....

فقال محمَّد: إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه، فترل إليه متوشحًا وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال: ما رأيت اليوم ريحًا أطيب. قال كعب: عندي أعطر نساء العرب وأكمل العرب. فقال محمَّد: أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم فشمه، ثم أشم أصحابه ثم قال: أتأذن لي؟ قال: نعم فلما استمكن منه قال: دونكم، فقتلوه، ثم أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه) (٢) .. وبشروه بالقضاء على هذا اليهودي .. أحد سادات يهود بني النضير .. هذا الحدث لم يكن بسيطًا .. كان أثره عميقًا في نفوس يهود بن النضير بل إنه قد هز أعماق


(١) أي الدروع أو السلاح.
(٢) حديث صحيح. رواه البخاري ومسلمٌ والبيهقيُّ (٣/ ١٩٥ - ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>