للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تحته يحتاط كل هذا الاحتياط .. فصحابته أولى .. يقول الزبير رضي الله عنه: (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ظاهر بين درعين يومئذ) (١).

انطلق - صلى الله عليه وسلم - لملاقاة حشود الشرك المحتقنة .. كانت رايته ترفرف في الهواء (كانت سوداء من نمرة) (٢) صوف .. أما لواؤه - صلى الله عليه وسلم - فكان لواؤه (أبيض) (٣) .. كان كل شىء في هذا الجيش يرفرف للجنّة وعوالمها الساحرة.

كان الرجال يتجمّلون للشهادة .. إلَّا أشباه رجال خرجوا بأجساد نخرة .. وبمعنويات يجرّونها خلفهم كالذلّ .. رجال يرتجفون من كل شيء حولهم .. يحسبون كل صيحة عليهم .. خوفًا خرجوا .. خوفًا صحبوه - صلى الله عليه وسلم - .. لكن هلعهم تفاقم عندما اقتربوا من الحقيقة -المعركة .. تحركت الخيانة في في دمائهم .. ونهضت كالشيطان تشير بأصبعها إلى الوراء .. تأمرهم بالعودة إلى المدينة وترك محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه .. فاستجابوا ورجعوا .. صدم الصحابة بما حدث ولم يصدم - صلى الله عليه وسلم - لأنه يعرفهم .. صعق الصحابة بما يجري .. هل هؤلاء مسلمون .. هب أنهم غير مسلمين هل هذا التصرّف- العار من شيم العرب وأخلاق العروبة .. أين الرجولة .. أين النخوة؟ .. هباء .. كل شيء داخل هؤلاء الخونة هباء .. إلَّا الكفر والحقد .. لكن الصحابة لم يسكتوا .. ولم يتحمّلوا هذا الموقف المخزي .. قرّر بعضهم أن


(١) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي (٣/ ٢٣٨) حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده، عن الزبير رضي الله عنه .. يحيى ثقة (التقريب- ٢/ ٣٥٠) ووالده تابعى ثقة - التقريب (١/ ٣٩٢).
(٢) حديث صحيح انظر: صحيح أبي داود (٢/ ٤٩١) وقد حذفت لفظًا ضعيفًا من الحديث هو "مربعة".
(٣) المصدر السابق (٢/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>