للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على جيش كبير كجيش قريش .. لقد قرر - صلى الله عليه وسلم - أن يستخدم هذا الجبل كدرع خلفي للجيش .. ليس هذا فحسب .. بل جعل من هذا الجبل قاعدة جوية تنتشر من أعلاه مظلّة تساند الجيش أثناء المعركة وتحميه من أي التفاف قد يقوم به المشركون من خلف الجبل .. لا سيما وأنّهم قد سبقوا المسلمين إلى موقع المعركة .. وهذا ما أوجب دقّة التخطيط وضرورة الدقّة في التنفيذ .. وأهمية الانضباط في العمل .. أخرج - صلى الله عليه وسلم - من الجيش مجموعة من الرماة وحدّد لهم موقعًا على الجبل وأمرهم بالبقاء فيه مهما كانت الظروف .. مهما كانت النتيجة .. و (جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرماة يوم أُحد عبد الله بن جبير) (١) قائدًا لا يجوز لهم أن يعصوه ..

لقد كان - صلى الله عليه وسلم - يدرك خطورة الموقف وشدّته .. كان واضحًا وصارمًا في تعاليمه للرماة .. لقد (أقامهم في موضع ثم قال: احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نُقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا غنمنا فلا تشركونا) (٢)، لا مكان للتوقعات والظنون .. ولا للحماس الزائد .. كان - صلى الله عليه وسلم - يريد عزلهم عن كل هذه الأمور كي يركزوا ويكرّسوا كل طاقاتهم واهتمامهم لوظيفتهم التي حدّدها - صلى الله عليه وسلم - هي واضحة جدًا .. جدًا ..


(١) حديث صحيح رواه الإِمام البخاري (٣٩٨٦).
(٢) ظاهر إسناده الضعف لكنه صحيح رواه الإِمام أحمد (١/ ٨٧ - ٢/ ٢٨١٨) حدثنا سلمان ابن داود، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله عن ابن عباس .. وعبيد الله تابعى ثقة ثبت - التقريب (١/ ٥٣٥) وأبو الزناد تابعى ثقة أيضًا (التقريب- ١/ ٤١٣) وعبد الرحمن بن أبي الزناد ثقة تغير حفظه عندما قدم بغداد .. وسليمان بن داود سكن بغداد وهو ثقة فقيه جليل .. لكن الناقد الثقة المعروف علي بن المديني رحمه الله له رأي في رواية سليمان عن عبد الرحمن حيث يقول: (ما روى سليمان الهاشمي عنه فهي حسان، نظرت فيها فإذا هى مقاربة وجعل علي يستحسنها، ذلك من علي يعقوب ابن شيبة وذكره الإِمام الترمذيُّ في علله (٢/ ٦٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>