للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد، فقال: أين بنو عمي؟ قالوا: بأُحُد، قال: أين فلان؟ قالوا: بأُحد، قال: أين فلان؟ قالوا: بأُحد.

فلبس لأمته، وركب فرسه ثم توّجه قِبَلهم، فلما رآه المسلمون، قالوا: إليك عنا يا عمرو. قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح فحمل إلى أهله جريحًا، فجاء سعد بن معاذ، فقال لأخته: سليه حمية لقومك، أو غضبًا لهم، أم غضبًا لله عَزَّ وَجَلَّ؟ قال: بل غضبًا لله عَزَّ وَجَلَّ ورسوله، فمات، فدخل الجنّة وما صلّى لله صلاة) (١) .. دخل الجنّة كما دخلها عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام.

دخل الجنّة وما صام لله يومًا .. يا لكرم الله .. الجنّة - خلودها وسحرها وعوالمها لهذا الفارس من أجل لحظات .. لكنها لحظات من التوحيد .. لحظات شارك فيها عمرو بن أقيش في هزيمة الأصنام وأهلها .. شارك فيها أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا .. شارك فيها طلحة وأبا عبيدة وسعيد بن زيد وسعد وعبد الرحمن بن عوف والزبير .. وسعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأبا دجانة .. وأنس بن النضر .. أنس بن النضر الذي بهر من يراه بشجاعته .. لقد برّ بقسمه .. ها هو كالأسد بين الصفوف لا تزيده الجراح الكثيرة إلَّا شراسة وإقدامًا في الفتك بأعداء الله .. لا يتفوّق عليه إلَّا حمزة الذي كان يقاتل بطريقة جديدة ويصرخ بمعنويات شهيد .. شاهده سعد بن أبي وقاص ونقل ما شاهد .. فقال:


(١) سنده لا بأس به رواه الأئمة: أبو داود (٢/ ٤٨٢) والبيهقيُّ في السنن (٩/ ١٦٧) والحاكم (٢/ ١٢٤) كلهم من طريق شيخ أبي داود: موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبا هريرة .. وموسى ثقة ثبت من رجال الشيخين وشيخه مثله إلا أنه من رجال مسلم - التقريب (١/ ١٩٧) (٢/ ٢٨٠) ومحمَّد بن عمرو حسن الحديث إذا لم يخالف انظر التهذيب (٩/ ٣٦٧) وشيخه التابعيّ الثقة ابن الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف (التقرب- ٢/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>