للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم. .) (١)، تأخر الأمر عليهم لم يرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدًا .. فظنّوا أن كل شيء قد تمّ على ما يرام .. حكّموا رأيهم واجتهدوا مع أن كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال مدويًا في آذانهم .. فخالفوا أمره وأمر أميرهم عبد الله بن جبير .. وهتفوا ببعضهم (الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة) (٢) وانحدر الرماة وانحدرت الكارثة معهم .. شاهدهم المشركون المنهزمون .. فلاح لهم بريق الانتصار .. واستجمعوا قواهم من جديد في محاولة للانقضاض ما دام خطر الأسهم المربك والشائك قد زال عن سماء المعركة .. عاد أبو سفيان والمشركون وهم يرون هذا الفراغ في السماء .. والارتباك على الأرض .. الارتباك الذي أحدثه الرماة عندما زاحموا إخوانهم المكلفين بجمع الغنائم .. وكان أمر الغنائم لم تنزل به الآيات .. كان الرماة النازلون من الجبال يحسبون أن من سبق فهو أحق .. حدثت فوضى عارمة داخل الصف المؤمن .. وانفلت الزمام .. وضاع النظام .. لقد تحوّل الجيش إلى شبكة لا يعرف لها أوّل ولا آخر .. تلك الصفوف المنظمة التي تقاتل كبنيان مرصوص .. حولها الرماة -رضي الله عنهم- بمخالفتهم إلى شيء كالفوضى .. وصفه أحد الصحابة أدقّ الوصف .. فقال: (لما غنم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأناخوا عسكر المشركين، أكبّ الرماة جميعًا فدخلوا في العسكر ينهبون، وقد التقت صفوف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهم: كذا -شبك أصابع يديه- والتبسوا، فلما أخلّ الرماة تلك الخلّة التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٣٠٣٩).
(٢) حديث صحيح رواه البخاري (٣٠٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>