للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقف - صلى الله عليه وسلم - أمام هؤلاء الأبرار وبشّرهم .. هؤلاء الأبرار الذين سافروا إلى جناتهم .. التي لا تعرف مللًا ولا شقاءً ولا رتابة .. جناتهم التي علت كل طموح وفاقت كل تصوّر .. أمّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو بينهم وسيبدأ بعد قليل بدفنهم .. لكن امرأة مذهولة تركض نحو الشهداء .. يحملها الحزن والوجد وتحمل في يديها شيئًا .. أشفق - صلى الله عليه وسلم - عليها .. وخاف على مشاعرها فأمر الصحابة أن يحولوا بينها وبين فضائع التشويه التي فعلها الوثنيون بأجساد الشهداء .. يقول الزبير رضي الله عنه: (إنه لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتى كادت أن تشرف على القتلى، فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تراهم، فقال: المرأة .. المرأة.

قال الزبير: فتوسمت أنها صفية، فخرجت أسعى إليها، فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى. فلدمت في صدري -وكانت امرأة جلدة- قالت: إليك عني لا أرض لك.

فقلت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عزم عليك.

فوقفت، وأخرجت ثوبين معها فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله، فكفنوه فيهما. قال الزبير: فجئنا بالثوبين لنكفن فيهما حمزة، فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل، فعل به كما فعل بحمزة، فوجدنا غضاضة وخنى أن يكفن حمزة في ثوبين، والأنصاري لا كفن له، فقلنا: لحمزة ثوب، وللأنصاري ثوب، فقدرناهما، فكان أحدهما أكبر من


= وهذا السند صحيح. عبيد مجمع على ثقته، ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - (التقريب- ١/ ٥٤٤) وتلميذه صدوق (التقريب-٢/ ١٢٧) وعبد الأعلى: ثقة فقيه (السابق- ١/ ٤٦٤) وسليمان التيمي ثقة من رجال الشيخين (السابق-٢/ ٣٢٢) والأويسي ثقة أيضًا (السابق-١/ ٥١٠) وتلميذه ثقة حافظ (التهذيب- ٩/ ٦٢) والتقريب (٢/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>