للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنافسه .. وردة اسمها "أمامة" بنت ابنته زينب رضي الله عنها .. كانت أمامة ملء سمعه وبصره .. حتى أنه كان يأخذها معه إلى المسجد وهو يريد الصلاة بصحابته رضي الله عنهم .. يقول أحدهم وهو "أبو قتادة":

(خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه، فصلّى، فإذا ركع وضع، وإذا رفع رأسه رفعها) (١)، (فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها) (٢) .. يفعل ذلك أثناء صلاته بالمؤمنين.

ولم تكن تلك الرحمة والملاطفة منه - صلى الله عليه وسلم - لأولاده فقط، بل كان يشمل بها أبناء المسلمين .. ها هو يزور دار أحد الأنصار .. دار الربيع بن سراقة الخزرجي، فيجد طفلًا صغيرًا اسمه محمود .. فيبدأ - صلى الله عليه وسلم - بملاطفته وملاعبته .. تناول - صلى الله عليه وسلم - دلوًا .. ثم ملأ فمه الطاهر بالماء ثم اقترب من الصغير فطشّ الماء في وجهه .. حركة تثير الضحك والركض والاختباء البريء لدى الأطفال .. حركة تجلب السعادة .. ما زال محمود يذكرها ويذكر الناس بها، وهو يقول:

(عقلت من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجّة مجّها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين) (٣) (مجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من دلو في دارنا) (٤).

قد يفعل الرجل هذا مع أبنائه وبناته .. فهل يفعل حاكم أو عالم أو وجيه مع أطفال غيره .. ماذا سيقول الناس عن ذلك .. ماذا سيقول الجهل عن ذلك .. لكن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك مع ذلك الطفل (من بئر في دارهم) (٥).


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٥٩٩٦).
(٢) حديث صحيح رواه البخاري (٥١٦).
(٣) حديث صحيح رواه البخاري (٧٧).
(٤) حديث صحيح رواه البخاري (٦٤٢٢) ومسلمٌ.
(٥) حديث صحيح رواه البخاري (١١٨٥). حديث صحيح رواه البخاري (مشكاة المصابيح -٣/ ١٦١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>