عهد وهم بنو عامر .. لذلك جاءت مجموعة منهم بقيادة رجل اسمه: عامر ابن مالك .. أبو البراء ويلقب بـ "ملاعب الأسنة" .. قدم ملاعب الأسنة من أجل تلطيف الأجواء .. حاملًا معه هدية للرسول - صلى الله عليه وسلم - .. لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في حالة حزن على أصحابه .. فعرض الإِسلام على ملاعب الأسنة ودعاه إلى الدخول في دين الله .. فرفض .. فرفض - صلى الله عليه وسلم - هديته لأنه مشرك .. فحاول ملاعب الأسنة أن يخفّف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض ما في صدره من حزن على أصحابه .. فعرض عليه أن يرسل بعض الصحابة لنشر الإِسلام في نجد وتعهّد بحمايتهم والدفاع عنهم .. حتى يطمئن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لن يصيبهم ما أصاب خبيبا وأصحابه .. ومما دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الموافقة أن رجالًا من أحياء: رعل وذكوان وعصية كانوا قد قدموا مع "ملاعب الأسنة" وتظاهروا بالإِسلام وادّعوا أنهم بحاجة إلى مجموعة من الصحابة تعلّمهم القرآن والتوحيد .. بل وتعينهم على أعدائهم ..
فاستجاب - صلى الله عليه وسلم - واثقًا بعهد ملاعب الأسنة .. ومصدّقًا أولئك الذين أظهروا الإِسلام، وبعث معهم شَبابًا من الأنصار .. ها هو أحدهم يودع أخته أم سليم .. إنه خال أنس بن مالك واسمه: حرام ..
وهؤلاء الشباب الذين معه صفوة من تلاميذ محمَّد - صلى الله عليه وسلم - .. شباب لا تعرف كيف تصفهم .. هل هم عباد .. أم تجار .. أم علماء .. ؟ أم عمّال .. إنهم الإِسلام في صورة شباب ..
يقول كعب بن مالك:(جاء ملاعب الأسنة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بهدية، فعرض عليه الإِسلام، فأبي أن يسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإني لا أقبل هدية مشرك. قال: فابعث إلى أهل نجد من شئت فأنا لهم جارٍ، فبعث إليهم)(١)
(١) سنده قوي رواه الطبراني (١٩/ ٧٠ - ٧١ - ٨١) عن يونس ومعمر والأوزاعي وعن =