للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال لأبي طلحة وأنس بن مالك قبل سفره: (إذا ولدت فائتوني بالصبي) (١)، يقول أنس بن مالك: (فقالت لي أمي: يا أنس "انطلق بالصبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا يرضعنه أحد حتى تغدو به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبحت احتملته وانطلقت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصادفته ومعه ميسم "وهو يسم إبلًا وغنمًا" فلما رآني قال: لعل أم سليم ولدت؟ قلت: نعم. فوضع الميسم (٢)، فجئته به فوضعته في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعجوة من عجوة المدينة، فلاكها في فيه حتى ذابت، "فجعل يحنك الصبي، وجعل الصبي يتلمظ (٣)، فقال - صلى الله عليه وسلم -: انظروا إلى حب الأنصار التمر فحنكه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فمسح وجهه وسمّاه عبد الله) (٤) (وكان يعدّ من خيار المسلمين) (٥) .. عاد الصغير إلى أمه .. واستجاب الله دعوة نبيّه - صلى الله عليه وسلم - لأم سليم وزوجها عندما مات ابنها الأكبر ففعلت أم سليم ما فعلت تلك الليلة ..

سعيدة هي أم سليم وسعادتها لا توصف .. سعيدة بزوجها وابنها .. ولا أحد في مثل فرحها إلَّا امرأة تلد مثلها وتفرح أكثر منها .. امرأة رزقت بنتًا يتيمة مات والدها قبل ولادتها .. ومع ذلك فهي أسعد من أم سليم .. إنها:


(١) حديث صحيح مر معنا عند الحديث عن زواج أم سليم. رواه الطيالسي (٢/ ١٦٠).
(٢) آلة أو حديدة يكوى بها الحيوان لتمييزه.
(٣) يذوقه بلسانه.
(٤) حديث صحيح مر معنا وهو عند مسلم (٢١٤٤) وأحمدُ (٣/ ١٩٦) والزوائد للطيالسي (٢/ ١٦٠).
(٥) ليس من كلام أنس بل من كلام التابعي ثابت البناني.

<<  <  ج: ص:  >  >>