رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قائمًا يصلي بين جبلين، فأتوه، فأخبروه. فقال: هذا الأمر الذي حدث في الأرض) (١).
إن الله قد وهب الجن قدرات لكن منهم شياطين أساؤوا استغلالها .. جعلوا يسترقون السمع .. ثم يلقون ما استمعوه في بركة من الكذب .. ثم يسقونها الكهان الذين يتصلون بهم ويتقربون إليهم .. فزادوهم رهقًا وتخويفًا .. وجعلوهم يرتكسون في الشرك والشعوذة .. والجن قبائل منهم الصالحون ومنهم الفاسدون .. و (لم تكن قبيلة من الجن إلا ولهم مقاعد للسمع، فإذا نزل الوحي سمعت الملائكة صوتًا كصوت الحديدة ألقيتها على الصفا. فإذا سمعت الملائكة خروا سجدًا، فلم يرفعوا رؤوسهم حتى ينزل، فإذا نزل قال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ فإن كان مما يكون في السماء، قالوا: الحق، وهو العلي الكبير. وإن كان مما يكون في الأرض من أمر الغيب، أو موت، أو شيء مما يكون في الأرض تكلموا به فقالوا: يكون كذا وكذا، فتسمعه الشياطن، فينزلونه على أوليائهم، فلما بعث النبي-صلى الله عليه وسلم- دحروا بالنجوم، فكان أول من علم بها ثقيف، فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه، فيذبح كل يوم شاة، وذو الإبل فينحر كل يوم بعيرًا، فأسرع الناس في أموالهم. فقال بعضهم لبعض: لا تفعلوا، فإن كانت النجوم التي يهتدون بها، وإلا فإنه لأمر حدث. فنظروا فإذا النجوم التي يهتدى بها كما هي لم يزل منها شىء، فكفوا، وصرف الله الجن، فسمعوا القرآن، فلما حضروه قالوا: أنصتوا، وانطلقت الشياطن إلى
(١) حديث صحيح. رواه أبو نعيم (سيرة ابن كثير ٤١٥): حدثنا الطبراني، حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وهذا الإسناد صحيح رجاله ثقات ولا يعكر صحته سوى عنعنة أبي إسحاق عمر بن عبد الله وللحديث شاهد وهو ما بعده.