للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق بيت في المدينة) (١)، أي أن خطابها كثروا بعد جليبيب حتى صار بيت أهلها من أوائل البيوت التي يتهافت إليه الخطاب .. هذا ما جرى لجليبيب رضي الله عنه ..

لكن ماذا عن زيد بن محمَّد .. فلنعد إلى زيد الذي تزوّج بذات النسب الرفيع زينب بنت جحش رضي الله عنها .. ها هو بيت زيد وزينب .. دخلناه فوجدنا الوجوم يخيّم عليه بعد فترة من الزمن .. القلوب في هذا المنزل الكريم على غير ما يحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. لم يكن هناك توافق بين زيد وزينب .. وسبحان مقلّب القلوب والأبصار .. ولا أدري أيّهما الذي كان مباعدًا للآخر بشعوره .. هل هو زيد أم زينب .. أم هما جميعًا .. لم يتحمل زيد ما يحدث في صدره وصدر زوجته .. فحمله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - و (جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:

اتق الله وأمسك عليك زوجك) (٢)، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الكلمات والألم يسافر به .. والحرج يحاصره .. قال - صلى الله عليه وسلم - تلك الكلمات بعد أن نزل عليه الوحي بشيء يخص زيدًا وزينب ويخصّه هو بالدرجة الأولى .. فقد أخبره الوحي أن زينب زوجة ابنه زيد سوف تصبح زوجته وإحدى أمّهات المؤمنين .. فأخفى - صلى الله عليه وسلم - ذلك الأمر على زيد خشية أن يتأثر ابنه .. خشية أن يلوك المنافقون وضعاف النفوس ذلك الحدث ثم يلفظونه قيحًا في طرقات المدينة وفتنةً في بيوتها .. أخفى - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأنه سيحدث لا محالة .. وانصرف زيد إلى زوجته وبيته .. لكن القلوب تسافر دون أن تستأذن أصحابها .. بقي الزوجان على غير وفاق حتى تفاقم الصدع


(١) هو جزء من الحديث الصحيح السابق.
(٢) حديث صحيح رواه البخاري (٧٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>