للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى وقعت الضغائن في قلوبهم، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}) (١)، ويقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (صنع رجل من الأنصار طعامًا فدعانا، فشربنا الخمر قبل أن تحرم، حتى انتشينا، فتفاخرنا، فقالت الأنصار: نحن أفضل .. وقالت قريش: نحن أفضل، فأخذ رجل من الأنصار لحى جزور، فضرب به أنف سعد، ففزره، وكان أنف سعد مفزرًا، فزلت آية الخمر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (٢) عن هذه الخمر ..

هل أنتم منتهون عن هذه الخمر التي تذيب العقل .. وتمحو اللياقة الأدبية .. إن في الخمر لذّة لا شكّ في ذلك ولولا ما فيها من نشوة ما شربها أحد .. لكنها تسبّب الصداع والغثيان بعد تلك النشوة .. وهي تحيل شاربها إلى إنسان مريض .. وقح يتفوّه بكل بذيئة .. ويفشي كل ما ينبغي إخفاؤه من رغبات ونزوات تكدّر النديم والجليس والصاحب والقريب .. الخمر يدمر ذلك التحكم المهذب الذي يحفظ للإنسان شخصيّته ووقاره واحترامه .. إنسانيته وكرامته .. بالخمر يتحوّل السكران إلى حيوان يهذر بكل قبيح .. وينزو على كل محرم .. بالخمر يختلط الخطأ بالصواب .. والحلال بالحرام .. والأدب باللا أدب .. أما


(١) سورة المائدة: الآية ٩٠.
(٢) حديث صحيح رواه مسلم والبيهقيُّ في السنن (٨/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>