للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يمكنه أن يفعله لماعز .. ثم نفذ حكم الله فيه .. ومازال في صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - لماعز الكثير الكثير .. توجّه - صلى الله عليه وسلم - بحديثه نحو الرجل الذي أشار على ماعز بالاعتراف .. فهل شكره على فعله ذلك .. الإجابة رحمةً كالعادة .. فما محمَّد - صلى الله عليه وسلم - إلَّا رحمة مهداة .. التفت - صلى الله عليه وسلم - بحديثه إلى هزال معاتبًا وقال له كلمة كالحزن: (يا هزال لو كنت سترته بثوبك كان خيرًا مما صنعت به) (١) (لو كنت سترته بثوبك كان خيرًا لك) (٢)، لم يقل - صلى الله عليه وسلم -: لكان خيرًا لماعز رضي الله عنه .. بل قال: خيرًا لك أنت يا هزال .. أنت أيها المبلغ .. ولك أنت أيضًا أيها المتلذّذ بفضح المستترين .. بدعوى الغضب لله ورسوله .. ومن أراد أن يمنح لنفسه حق اختراق جدران الآخرين وحريتهم المستورة.، فإن عمر ابن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما يقدمان له درسًا متحضرًا .. يقول: (عبد الرحمن بن عوف: أنه حرس ليلة مع عمر بن الخطاب، فبينما هم يمشون، شب لهم سراج في بيت، فانطلقوا يؤمونه، حتى إذا دنوا منه، إذا باب مجاف على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر - وأخذ بيد عبد الرحمن بن عوف: أتدري بيت من هذا؟ قلت: لا قال: "هذا بيت" ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى؟ قال عبد الرحمن بن عوف: أرى أنا قد أتينا ما نهنا الله "عنه قال الله تعالى": {وَلَا تجَسَّسُواْ}. فقد تجسسنا، فانصرف عنهم عمر وتركهم) (٣) لكن كم هو حجم ذلك


(١) سنده صحيح رواه أحمد (٥/ ٢١٧) وأبو داود (٤٤١٩) وهو الحديث السابق.
(٢) صحيح الجامع الصغير (٢/ ١٣٢٣).
(٣) سنده صحيح رواه عبد الرزاق (١٠/ ٢٣١) والبيهقيُّ (٨/ ٣٣٣) وابن حبان في الثقات (٤/ ٢٦٧) والحاكم (٤/ ٤١٩) عن الزهريّ حدثنا زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف عن المسرر بن مخرمة أخبره أن عبد الرحمن بن عوف أخبره .. وزرارة تابعي ثقة -التقريب (١/ ٢٦٠) والمسور صحابي رضي الله عنهم جميعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>