للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذاك إنما يأكلن العلق (١)، لم يهيجهن اللحم فيثقلن (٢)، وكنت إذ رحل بعيري (٣) جلست في هودجي (٤)، ثم يأتي القوم الذين يرحلون بي بعيري، ويحملوني، فيأخذون بأسفل الهودج، يرفعونه فيضعونه على ظهر البعير، فينطلقون به) (٥) (وذلك بعد ما أنزل الحجاب، وأنا أُحمل في هودجي، وأنزل فيه، فسرنا) (٦) وانطلق الجيش، وانطلقت الهوادج تتمايل عبر الصحاري والقفار .. وخلال الأودية والشعاب .. تتمايل بعائشة ورفيقاتها رضي الله عنهن .. كما تتمايل القلوب بصوت حادي العيس أنجشة .. ذلك الصوت العذب .. الذي يأخذ الأسماع .. وربما أخذ الإبل أيضًا .. سمع - صلى الله عليه وسلم - ذلك الصوت الشجي في بعض أسفاره .. فخاف على أجساد النساء وقلوبهن .. يقول أنس رضي الله عنه:

(كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاد حسن الصوت "غلام أسود يقال له أنجشة، يحدو، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أنجشة، رويدك سوقًا بالقوارير" رويدًا يا أنجشة لا تكسر القوارير) (٧)، كان - صلى الله عليه وسلم - من الرقّة والذوق .. بحيث لا يلهيه هدفه العسكري والخطر الذي يكمن له عن تفقد رفاقه والعناية بهم .. لدرجة أنه (كان يتخلّف في المسير، فيزجي الضعيف، ويردف، ويدعو لهم) (٨).


(١) الطعام اليسير.
(٢) التهييج هو الورم من الشحم.
(٣) أي جهز للرحيل.
(٤) الهودج هو ما تجلس داخله النساء مثبتًا فوق ظهر البعير.
(٥) حديث صحيح رواه البخاري ومسلمٌ وابن إسحاق وهذا لفظ ابن إسحاق.
(٦) حديث صحيح رواه البخاري (٤١٤١) ومسلمٌ (٢٧٧٠) وأحمدُ (٦/ ١٩٤) واللفظ له.
(٧) حديث صحيح رواه البخاري ومسلمٌ (٢٣٢٣) واللفظ له.
(٨) سنده رواه أحمد (٢/ ١٢٦) حدثني إسماعيل بن علية حدثنا الحجاج بن أبي عثمان عن أبي =

<<  <  ج: ص:  >  >>