للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللحم فيثقلن"، إنما يأكلن العلقة (١) من الطعام، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السنن (٢) الجمل وساروا، "ولم يشكوا أني فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به"، ووجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش، "ورجعت إلى العسكر"، فجئت منازلهم وليس بها داعٍ ولا مجيب، فتيمّمت (٣) منزلي الذي كنت فيه "فتلففت بجلبابي، ثم اضطجعت في مكاني الذي ذهبت إليه" وظننت أن القوم سيفقدوني، فيرجعون إليّ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، "فوالله إني لمضطجعة، إذ مرَّ بي صفوان بن المعطل السلمي" وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرّس من وراء الجيش "قد كان تخلّف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس في العسكر" فأدلج (٤)، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني، فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب عليّ، "فلما رآني، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون! أظعينة رسول الله! وأنا متلفّفة في ثيابي".

فاستيقظت باسترجاعه (٥) حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما يكلمني كلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه (٦)، حتى أناخ راحلته، فوطئ على يدها فركبتها "واستأخر عني، فركبت وجاء فأخذ برأس البعير"، فانطلق يقود بي الراحلة "سريعًا يطلب الناس، فوالله ما


(١) الطعام اليسير.
(٢) وكان عمرها رضي الله عنها أنذاك بين الثالثة عشر والرابعة عشر.
(٣) قصدته وذهبت إليه.
(٤) سار أخر الليل.
(٥) قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون.
(٦) قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>