للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن نخندق على أنفسنا وهو يعدنا قصور فارس والروم) (١).

هؤلاء المنافقون هم الذين قال الله عنهم: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} (٢)، أمر هؤلاء المنافقين محير ومزعج .. لا تدري ماذا يريدون .. ولا ما هو مبدأهم ولا هدفهم .. ولا تستطيع تمييزهم بسهولة ..

الكفر مرض والنفاق مرض .. وجسد الدولة الإسلامية يستطيع الاحتياط والوقاية من مرض الكفر .. لكن عندما يتسلّل هذا المرض إلى الداخل .. تبدأ رحلة طويلة ومريرة من العلاج وتناول الأدوية والعقاقير للقضاء عليه ..

وفي غزوة الخندق كانت الدولة الإِسلامية تحتاط بالخندق من الوثنيين .. لكن من الصعب القضاء عليهم وهم يتظاهرون بالإيمان .. لا سيما في هذا الوقت الذي انتهى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من حفر الخندق .. ووصل فيه أحزاب الأصنام إلى مشارف المدينة .. وعسكروا أمام الخندق .. وبدأ حصار قاسٍ وشديد على المدينة .. عندها بدأ المنافقون يظهرون كالبثور الكريهة المتقيّحة على جسد المدينة .. في هذه الظروف الحرجة ظهر نفاقهم وكفرهم وحقدهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة .. ومع ذلك كلّه تمتّع - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بأكبر قدر من ضبط النفس .. وعدم التهوّر بإيقاع أي عقوبة على أولئك المنافقين .. الذين فاحت خيانتهم من خلال كلماتهم .. ونظراتهم وحركاتهم التي كانت تفتقد إلى أقلّ معاني الرجولة والنخوة .. ازداد الوضع حرجًا، فقرّر - صلى الله عليه وسلم -


(١) حديثٌ حسنٌ بما قبله ورجاله ثقات لكنني لم أعثر على ترجمة لنعيم بن سعيد فيما لدي من مراجع.
(٢) سورة الأحزاب: الآية ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>