للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي يأمر بإفراده بالعبادة .. هذا الإله الذي يأمر بنسيان آلهة الآباء والأجداد وسحقها.

فقال لهم-صلى الله عليه وسلم- وحيًا ترتكز عليه كل الحقائق .. وتنطلق منه أنوار تنير سراديب هذا الكون وأسراره .. فيخشع الكون كله وهو يستمع لمحمد-صلي الله عليه وسلم- يتلو حقيقة طالما أضاعها الإنسان فتاه في تلك السراديب: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} (١).

نداءان منه-صلى الله عليه وسلم- في اجتماعين مع أهل مكة .. ومع أهله .. وضعت أرواح بعض السابقين في أكفهم .. دروعًا يحمون بها رسولهم -صلى الله عليه وسلم- .. فلقد هانت تلك الأرواح في سبيل الله .. ولئن كانت الجنة هي المصير فلتذهب الدنيا غير مأسوف عليها .. ستة عمالقة جاهروا بإسلامهم .. ولم يأبهوا بما قد يلاقون من عنت: (أبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد) (٢).

ولئن لم تسعفنا الروايات في ذكر بقية لهم فلقد أسعفنا ذلك الاجتماع السابق بفتى صغير السنن هو (علي بن أبي طالب) فلقد وضع يده بيد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أمام أهله .. وكفى بتلك مجاهرة.

بدأ هؤلاء الأفذاذ يدعون لدين الله جهرة .. فأسلم بإسلامهم خلق كثير. مما أقض مضاجع عباد الأصنام .. فاتجهوا نحو رسول الله-صلى الله عليه وسلم-


(١) سورة الصمد.
(٢) حديثٌ حسنٌ رواه البيهقي (٢/ ١٧٠) والحاكم (٣/ ٢٨٤) وأحمدُ (الفتح الرباني ٢٠/ ٢١٤) من طريق زائدة، عن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود وقال: أول من أظهر إسلامه سبعة: النبى -صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكر .. وفي سنده ضعف من أجل زائدة أبى الرقاد، فقد اختلف النقاد في الحكم عليه، لكن له شاهد يقويه ذكره ابن كثير وهو من طريق شعبة عن منصور، عن مجاهد مرسلًا. انظر سيرة ابن كثير (١/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>