للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ما أنا. بمجيز ذلك لك.

قال: بلى فافعل.

قال: ما أنا بفاعل.

قال مكرز: بل قد أجزنا لك.

قال أبو جندل: أي معشر المسلمين، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابًا شديدًا في الله) (١).

كان هذا المنظر المؤلم يطعن في أعماق عمر ويفقده صوابه وصبره .. (فوثب إليه عمر بن الخطاب مع أبي جندل، فجعل يمشي إلى جنبه وهو يقول: اصبر أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب -ويدني قائم السيف منه- ويقول: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، فضن (٢) الرجل بأبيه ونفذت القضية) (٣) كان عمر يريد من أبي جندل أن يجهز على أبيه بالسيف وينطلق من إساره بنفسه دون مساعدة المسلمين.

وبذلك يكون قد حرر نفسه ولا لوم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا على أصحابه ولا على عهدهم وذمتهم .. لكن أبا جندل لم يفعل .. فطار صواب عمر وتوجه نحو نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن رأى وسمع ما لم يستطع عليه صبرًا. يقول عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (ألست نبي الله حقًا؟

قال: بلى.


(١) حديث البخاري الطويل السابق والزوائد لأحمد.
(٢) أي بخل بأبيه على الموت.
(٣) حديث البخاري السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>