من الرعب والخوف ليس لها حدود سوى الموت .. فبعد أن (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر. وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام، إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم)(١) وتركوا لقريش النواح على قتلاها والندم على صدها لمحمد وأصحابه .. والندم على تلك الشروط التي زرعت في طريقها أولئك الأسود .. أولئك الشباب الذين ضيقت عليهم طواغيت الشرك كل طرق الحياة الهانئة .. وأشرعت لهم طريقًا واحدًا .. طريق العنف المضاد .. فحول أولئك الشباب ذلك الطريق إلى نهر تهدر فيه دماء قريش وكرامتها ..
أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو في حل مما يحدث .. ولا مسؤولية عليه مادام هذا العنف المضاد لا يمارس داخل حدود دولته .. فقد رفض استقبال أولئك المظلومين تنفيذًا لشروط قريش وإرادتها الظالمة .. فلتتحمل قريش مسؤولية طغيانها .. أما النبي - صلى الله عليه وسلم - .. فبعد أن رد صاحبه أبا بصير الذي جعلته المعاهدة طريدًا شريدًا .. لا يملك مساحة يعيش عليها سوى مساحة سيفه .. توجه - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه المتعبين من طول السفر وأمرهم بالاستعداد من جديد .. لسفر جديد .. فقد أمن شر قريش .. وأشغلها أبو بصير وأبو جندل ومن معهما بالرعب المشروع والسيوف الملتهبة .. وقد حان تأديب أحد أطراف معركة الخندق .. وهم اليهود القابعون في حصون خيبر .. فلا يكفي قتل قائدهم الخائن أبي رافع (سلَّام ابن أبي