نفسه الذي عاهدوا فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - .. في الأيام نفسها التي ناشدوا فيها هذا النبي أن يبقي على أرواحهم .. وأن يقبل شراكتهم الاقتصادية تلك .. ويبدو من سلسلة الغدر اليهودي إلى حدثت بعد وصول النبي عليه السلام إلى المدينة أن الخيانة تشكل نسبة مرتفعة من دمائهم .. ومع هذا فقد حاول - صلى الله عليه وسلم - استثمار حالة التوجس والخوف من انكشاف جريمتهم .. حاول استثمارها لصالحهم هم .. فهم وإن صدئ معدنهم إلا أنهم لا يزالون بشرًا أحياء .. وهاتان الصفتان تفتحان للمسلم فرصًا للدعوة .. حاول من خلالها أن يثبت لعنادهم أنه نبي مرسل .. وأنه لا عذر لهم في رفض الإِسلام سوى العناد والمكابرة .. يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيه سم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجمعوا لي من كان ها هنا من اليهود، فجمعوا له فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه؟ فقالوا نعم يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
من أبوكم؟ قالوا أبونا فلان.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذبتم بل أبوكم فلان.
فقالوا صدقت وبررت.
فقال هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟
فقالوا نعم يا أبا القاسم وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا.
= ابن أبي حمزة وغيرهما عن الزهري قال كان جابر بن عبد الله يحدث .. والزهري إمام ثقة وتابعى معروف والزهري عن جابر على شرط البخاري.