للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة كلهم فرحوا بمقدم إخوانهم من بلاد الغربة والمعاناة .. وقد قدر عليه السلام تلك المعاناة وأحب أن يرحب بهم بطريقة تخفف شيئًا من فقرهم ومعاناتهم فميزهم عن غيرهم بعطاء كريم .. يقول أحدهم وهو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه "بلغنا مخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه أنا وإخوان لي أنا أصغرهم أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم، إما قال بضعًا وإما قال ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلًا من قومي .. فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلى النجاشى بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده .. فقال جعفر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثنا ها هنا وأمرنا بالإقامة فأقيموا معنا فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا .. فوافقنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر فأسهم لنا أو قال: أعطانا منها .. وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا إلا لمن شهد معه إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم فكان ناس من الناس يقولون لنا يعني لأهل السفينة نحن سبقناكم بالهجرة" (١) إلى المدينة .. وكأنهم يعنون أنهم أولى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من هؤلاء المبحرين من أرض إفريقيا السخية .. وكان أبرز من قال ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. قالها مُرحَّبًا ومُمازحًا زوجة جعفر بن أبي طالب المهاجرة العظيمة: أسماء بنت عميس التي تزور الآن ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها .. لكن تلك المداعبة حركت داخل أسماء آمالًا بتثمين مرارة الغربة ومعاناة التشرد في سبيل الله .. فليس هناك من تشكو إليه عمر سوى النبي عليه السلام ..


= وقد جاء من مرسل الشعبى عند غيره بسند صحيح إلى الشعبي وله شواهد لا تخلو من ضعف وعند الطبراني بسند لا بأس به ٢٢ - ١٠٠ عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه وروي بسند ضعيف عن عائشة رضي الله عنها في الإخوان ١٧٩ وقد فصلت تخريجه في الموسوعة وصحيح الموسوعة.
(١) حديث صحيح رواه مسلم ٤ - ١٩٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>