رسول الله .. مررت بمجلس من المسلمين فيهم فلان فسلمت عليهم فردوا السلام فلما جاوزتهم أدركني رجل منهم فأخبرني أن فلانًا قال: والله أني لأبغض هذا الرجل في الله فادعه فسله على ما يبغضني. فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عما أخبره الرجل .. فاعترف بذلك وقال: قد قلت له ذلك يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلم تبغضه .. قال: أنا جاره وأنا به خابر والله ما رأيته يصلي صلاة قط إلا هذه الصلاة المكتوبة التي يصليها البر والفاجر .. قال الرجل: سله يا رسول الله هل رآني قط أخرتها عن وقتها أو أسأت الوضوء لها أو أسأت الركوع والسجود فيها .. فسأله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: لا .. ثم قال: والله ما رأيته يصوم قط إلا هذا الشهر الذي يصومه البر والفاجر. قال: فسله يا رسول الله هل رآني قط أفطرت فيه أو انتقصت من حقه شيئًا .. فسأله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: لا .. ثم قال: والله ما رأيته يعطى سائلًا قط ولا رأيته ينفق من ماله شيئًا في شيء من سبيل الله بخير إلا هذه الصدقة التي يؤديها البر والفاجر. قال: فسله يا رسول الله هل كتمت من تلك الزكاة شيئًا قط أو ماكست فيها طالبها .. فسأله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: لا .. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قم إن أدري لعله خير منك" (١) لأن الشعور بالتفوق على الآخرين مهما كان رصيده من الظاهر والباطن .. لا يجيز لصاحبه التطاول على الآخرين وانتقاصهم تحت أي مبرر .. فالحكم على الآخرين من خلال ظواهرهم غير دقيق إلا في حالة فساد الظاهر فسادًا ينم عن عفن الباطن .. وهناك فرقٌ بين الحكم على الشخص والحكم على سلوك صادر عنه .. الشعور بالتفوق قد يدخل في الكبر .. والكبر شيء خطير ..
(١) سنده صحيح رواه الإمام أحمد ج٤٥٥/ ٥ عن شيخه أبى كامل مظفر بن مدرك ثنا إبراهيم ابن سعد ثنا ابن شهاب عن أبى الطفيل وهذا السند صحيح: أبو كامل ثقة من رجال التقريب ٢ - ٢٥٥ وشيخه ثقة حجة من رجال الشيخين التقريب١ - ٣٥.