للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القسم لا تستغني في مثل لَيَحْكُمُ عن نون التوكيد إلا قليلا، ولما كان مصحوب اللام في الأصل المبتدأ وكان معنى الابتداء باقيا مع دخول «إنّ» اختصت بدخولها معها لذلك ولتساويها في التوكيد (١)، وحسن اجتماع توكيدين بحرفين كما حسن اجتماعهما باسمين نحو: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٢)، وموضعها في الأصل قبل «إنّ» لأنها تعلق أفعال القلوب وهي أقوى عملا من «إنّ»، فلو أخرت ولم ينو تقديمها لعلقت «إنّ» وإلا لزم ترجيحها على أفعال القلوب، وأزيلت لفظا عن موضعها الأصلي كراهية لتقدم توكيدين مع أنّ حق المؤكّد أن يؤخر عن المؤكّد (٣)، وقصدوا التنبيه على موضعها الأصلي فأولوها «إنّ» مجعولة همزتها «هاء» (٤)، ولكون اللام في الأصل للمبتدأ قدمت اتصالها بغيره وبينت أن ذلك مشروط بفصل الاسم من «إنّ»، ولا فرق بين الفصل بالخبر نحو: إن عندك لزيدا وبين الفصل بمعمول الخبر نحو: إن فيك لزيدا راغب (٥) ولم أقيد تأخير الخبر بقرب، ليعلم أنّ بعده لا يضر كقول الشاعر:

٩٦٤ - وإنّي على أنّي تجشّمت هجرها ... لما ضمنتني أمّ سكن لضامن (٦)

وكقول الآخر:

٩٦٥ - وإنّ امرأ أمسى ودون حبيبه ... سواس فوادي الرّسّ فالهميان

لمعترف بالنّأي بعد اقترابه ... ومعذورة عيناه بالهملان (٧)

-


(١) ينظر إصلاح الخلل لابن السيد (١٦٤)، وشرح المفصل لابن يعيش (٨/ ٦٣).
(٢) سورة الحجر: ٣٠.
(٣) ينظر شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ٦٣)، وشرح الألفية للمرادي (١/ ٣٣٤)، وشرح الألفية لابن الناظم (٦٥)، وشرح الكافية للرضي (٢/ ٣٥٥)، وابن عقيل (١/ ١٣٤)، والأشموني (١/ ٢٧٩).
(٤) ينظر رصف المباني (١٢١)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٤٣٢) ط. العراق.
(٥) ينظر الإيضاح للفارسي (١١٧ - ١١٨)، والمطالع السعيدة (ص ٢٢٨)، وأوضح المسالك (١/ ٩٢)، والتوطئة (٢٠٤).
(٦) البيت في التذييل (٢/ ٧٠٨)، لقائل مجهول.
والشاهد قوله: (وإني ... لضامن) حيث دخلت اللام على خبر «إنّ» المؤخر مع بعده عن «إنّ» واسمها لأن البعد لا يضر.
(٧) البيتان في التذييل (٢/ ٧٠٩) لقائل مجهول. -

<<  <  ج: ص:  >  >>