للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في موضع نصب، وهذا ليس في موضع نصب؛ بل في موضع رفع بالابتداء و «رب» كأنها حرف زائد (١). انتهى.

وهو تخريج حسن مبني على تقرير صحيح كما سيأتي في كلام ابن عصفور.

وأما مضيّ ما يتعلق به: فهو مشهور وهو مذهب المبرد (٢)، والفارسي (٣) واختاره ابن عصفور (٤) ولهذا يتأول النحاة رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٥) بأن المعنى: ربما ودّ، وأنه عبر عن المستقبل بالماضي؛ لكونه متحقق الوقوع، ولكن قد عرفت أن المصنف لم يلتزم ذلك، وأنه أجاز كون العامل مستقبلا وذكر الأدلة على ذلك، على أن الشيخ قال في الأدلة: إنها تحتمل كذا، وتحتمل كذا، قاصدا إبطال ما ذهب إليه المصنف.

وأما لزوم تنكير مجرورها مع لزوم تصديرها: فأمر معروف.

وقد قال ابن عصفور: ولا تدل على معرفة محضة أصلا. قال: وزعم بعضهم أنها تجر الاسم المعرف باللام فيقول: رب الرجال لقيت، وأنشدوا قول الشاعر:

٢٦٨١ - ربّما الجامل المؤبّل فيهم

بخفض الجامل قال: والرواية الصحيحة بالرفع. وقال أيضا: و «ربّ» من الحروف التي لها صدر الكلام؛ وسبب ذلك أنها كما ذكرنا للتقليل، والتقليل يجري مجرى النفي؛ فعوملت معاملة ما يجعل له صدر الكلام؛ لذلك قال: وأيضا؛ فإنها للمباهاة، والافتخار مثل «كم»، وهي للتقليل فهي نقيضة «كم»، والشيء يجري مجرى نقيضه كما يجري مجرى نظيره (٦). انتهى.

ولو قيل: إن سيبويه قد سوّى بينها، وبين «كم» الخبرية كما تقدم. ولا شك أن «كم» لها صدر الكلام فلتكن «رب» لشبهها بها كذلك؛ لكان قولا.

والمراد من لزوم تصديرها أنها تتصدر لزوما على ما تتعلق به؛ فيقال: رب رجل عالم لقيت، ولا يقال: لقيت رب رجل عالم، وليس المراد تصديرها أول الكلام فقد تقع هي خبرا عن شيء كما سيأتي؛ وإنما المراد أن تكون هي صدر جملتها. -


(١) التذييل (٧/ ٨٨ / أ).
(٢) المقتضب (٢/ ٤٨، ٥٥)، والهمع (٢/ ٢٥، ٢٦).
(٣) المصدر السابق.
(٤) شرح الجمل (١/ ٥٠٦).
(٥) سورة الحجر: ٢.
(٦) شرح الجمل (١/ ٥٠٠، ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>