للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما مباشرتها الضمير المجهول: فأمر معروف أيضا. وكأن مسألة مباشرتها الضمير كالمستثناة من قوله: إن تنكير مجرورها لازم وأشار إلى قلّته بذكر «قد» في قوله: وقد تجرّ ضميرا وهذا الضمير لا يبعد عن النكرة؛ لأنه ضمير مجهول ومفسره نكرة؛ ولذلك علل ابن عصفور دخولها على ضمير النكرة بأن قال: وذلك أن ضمير النكرة من طريق المعنى نكرة؛ لأن الضمير هو الظاهر في المعنى، وإنما يكون ضمير النكرة محكوما له بحكم المعرفة من طريق نيابته مناب ما عرف بالألف واللام إذا عاد على متقدم؛ لأنك إذا قلت: لقيت رجلا فضربته؛ أغنى عن أن تقول: فضربت الرجل المتقدم الذكر، فلما ناب مناب اسم فيه الألف واللام حكم له بحكم المعرفة لذلك، فلما

كان الضمير في باب «رب» مفسرا بالنكرة بعده كان نكرة من كل وجه؛ لأنه إذ ذاك لا ينوب مناب اسم معرف بالألف واللام (١). انتهى.

ودل كلامه على أنه لا يحكم على ضمير نكرة بأنه نكرة على الإطلاق، بل يفصل القول في ذلك كما رأيت.

وقال في شرح الإيضاح - مشيرا إلى كلام أبي علي -: هذا الذي ذكره من أن الضمير في قولك: ربه رجالا، وأمثاله معرفة إلا أنه أجري مجرى النكرة في دخول رب عليه لمّا أشبهه في أنه غير معين ولا مقصود قصده - هو مذهب كثير من النحويين.

والصحيح عندي: أن ضمير النكرة معرفة إذا فسّرته نكرة متقدمة عليه وإذا فسّرته نكرة متأخرة عنه، فإنه إن كان واقعا موقع ظاهر معرفة؛ فهو معرفة، وإن كان واقعا موقع ظاهر نكرة؛ فهو نكرة، والدليل على ذلك أن ضمير الغيبة العائد على ما قبله نائب مناب تكرار الظاهر.

فإذا قلت: زيد ضربت؛ فالأصل: زيد ضربت زيدا؛ إلا أنهم كرهوا التكرار؛ فأنابوا الضمير مناب الظاهر، فعلى هذا قولك: لقيت رجلا فضربته؛ أصله: لقيت رجلا فضربت الرجل؛ لأن النكرة إذا أعيدت فإنما تعاد بالألف واللام؛ إشعارا بأن المراد النكرة المعهودة في الذكر لا غيرها، إلا أنهم فرّوا من التّكرار؛ فوضعوا الضمير موضع الاسم الداخل عليه الألف واللام.

فكما أن الاسم المباشر بالألف واللام معرفة كذلك الضمير القائم مقامه.

وأما ضمير الغيبة العائد على ما بعده فقد يضعه العرب [٤/ ٣٠] موضع ظاهر معرفة؛ -


(١) شرح الجمل (١/ ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>