للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيكون إذ ذاك معرفة؛ لوقوعه موقع معرفة وذلك نحو: نعم رجلا زيد؛ فالضمير المستتر في «نعم» واقع موقع ظاهر معرفة؛ لأن فاعل «نعم» إذا كان ظاهرا فبابه أن يكون معرفا بالألف واللام أو مضافا إلى ما هي فيه فالضمير في «نعم» نائب عن الظاهر معرفة يراد به الجنس، وكأنك قلت: نعم الجنس، ثم فسرت الجنس الذي أردت بقولك: رجلا، وقد تضعه العرب موضع نكرة؛ فيكون إذ ذاك نكرة؛ لوقوعه موقع نكرة وذلك نحو:

ربّه رجلا، فالضمير مع «رب» واقع موقع ظاهر نكرة لأن المخفوض بـ «رب» إذا كان اسما ظاهرا لا يكون إلا نكرة فالضمير المخفوض بـ «رب» إذا نائب عن ظاهر نكرة، وكأنك قلت: ربّ شيء، ثم فسرت الشيء الذي أردت بقولك: رجلا (١). انتهى.

وكلامه يعطي التفرقة بين الضميرين - أعني المجرور بـ «رب» والمرفوع بـ «نعم» فإنه حكم على المجرور بـ «رب» بأنه نكرة وعلى المرفوع بـ «نعم» بأنه معرفة وكلام غيره يعطي التسوية بين الضميرين وهو الظاهر فإن كلّا منهما ضمير مجهول مفسر بما بعده.

وقول ابن عصفور: إن المرفوع بـ «نعم» واقع موقع ظاهر معرفة قد لا يسلم، بل يقال: فاعل «نعم» قسمان: اسم معرف بالألف واللام، أو ضمير مفسر بنكرة؛ فليس الضمير نائبا عن المعرف باللام بل هو قسيمه، ولو قال: إن الضمير المذكور معرفة من جهة أن «زيدا» ذكر بعده وهو المخصوص بالمدح؛ فتبين بذلك أن المراد بالضمير هو «زيد»، وإذا كان المراد بالضمير هو «زيد» اتجه أن يحكم على ذلك الضمير بأنه معرفة لكان أقرب على أن في هذا نظرا أيضا.

وقد أطال ابن عصفور الكلام في هذه المسألة، والذي ذكره في باب «كان» أخلص مما ذكره هنا، وهو أنه قال (٢): إن ضمير النكرة يعامل في باب الإخبار معاملة النكرة. وذلك أن تعريفه إنما هو لفظي؛ لأنك إذا قلت: لقيت رجلا فضربته؛ علم أنك إنما تعني بالضمير: الرجل المتقدم الذكر، وأن الملقي هو المضروب، وأما أن يعلم من هو في نفسه فلا. فلما علم من يعني به كان معرفة من هذا الطريق، وأيضا فإنه ينوب مناب تكرار الظاهر، والظاهر إذا كرر كان بالألف واللام فلمّا ناب مناب معرفة بالألف واللام كان هو معرفة، ثم قال بعد هذا: فإذا -


(١) ينظر: شرح الجمل: (١/ ٥٠٤).
(٢) انظر: شرح الجمل (١/ ٤٠٤) تحقيق أبو جناح (آخر باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر).

<<  <  ج: ص:  >  >>