للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَرْتَفِعُ بِمَوْتِ المُودِعِ أَوِ المُودَعِ وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ، وَلَهُمَا الِاسْتِرْدَادُ وَالرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ. وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ، وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِعَوَارِضَ مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ بِلَا إذْنٍ وَلَا عُذْرٍ فَيَضْمَنُ

كلٍّ وقوله. أما السفيه المهمل فالإيداع منه وإليه كسائر تصرفاته فيصح، والقن بغير إذن مالكه كالصبي فلا يضمن بالتلف (١) وإن فرط (٢) بخلاف ما إذا أتلف فيتعلق برقبته (وترتفع) الوديعة أي ينتهي حكمها بما ترتفع به الوكالة مما مر فترتفع (بموت المودِع أو المودَع وجنونه وإغمائه) -إن استغرق إغمائه وقت صلاة- وبالحجر عليه لسفه، أما حجر الفلس فإن كان على المالك فلا ترتفع به؛ لبقاء أهلية المفلس وتسلم للحاكم حينئذ، أو كان على الوديع فترتفع به، وترتفع أيضا بعزل الوديع لنفسه وبعزل المالك له وبالإنكار لغير غرض; لأنها وكالة في الحفظ وهي ترتفع بذلك، وبكل فعل مضمن، وبالإقرار بها لآخر، وبنقل المالك الملك فيها ببيع أو نحوه، وفائدة الارتفاع أنها تصير أمانة شرعية فعليه الرد لمالكها أو وليه إن عرفه أي إعلامه بها أو بمحلها فورا عند التمكن وإن لم يطلبه كضالة -ومنها طائر- وجدها وعرف مالكها فإن غاب ردها للحاكم الأمين وإلا ضمن، ومن الضالة قنٌّ أو حيوان هرب من مالكه ودخل في داره وعلم به ومالكه فيجب عليه حفظه إن لم يُعلم مالكه فخرج ضمنه (ولهما) يعني للمالك (الاسترداد و) للوديع (الرد كل وقت)؛ لجوازها من الجانبين، نعم يحرم الرد حيث وجب القبول ويكون خلاف الأولى حيث ندب القبول ولم يرض المالك الرد.

(وأصلها) ولو بجعل، أو فاسدة إن قبضت بإذنٍ معتبر (الأمانة (٣) لقوله تعالى {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} البقرة: ٢٨٣. وعُلم من قولي ((أو فاسدة)) أنه لو شرط ركوبها أو لبسها كانت قبل ذلك أمانة وبعده عارية فاسدة، ومن كلامه أنها لو بقيت في يده مدة بعد التعدي لزمه أجرتها؛ لارتفاع الأمانة به (وقد تصير مضمونة بعوارض منها أن يودع غيره (٤) ولو ولده وزوجته وقنه، نعم له كما سيأتي الاستعانة بهم حيث لم تزل يده؛ لجريان العرف به (بلا إذن ولا عذر)


(١). خلافا لظاهر المغني فقيده بعدم التفريط.
(٢). وفاقا للنهاية وخلافا للمغني.
(٣). وتقدم أن المبيع قبل قبضه من ضمان البائع وإن أودعه له المشتري ٤/ ٣٩٣.
(٤). ذكر الشارح في الوكالة أن من المضمنات أن يضيع منه المال ولا يدري كيف ضاع أو أن يضعه بمحل ثم ينساه ٥/ ٣٣٣، ومن المضمنات أيضا ما ذكره الشارح قبيل المساقاة أنه لو أخذ ما لا يمكنه القيام به فتلف بعضه ضمنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>