للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِيَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا جَازَتِ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا إلَى الحِرْزِ أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ مُشْتَرَكَةٍ. وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا فَلْيَرُدَّ إلَى المَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ

أما مع العذر كسفر مباح ومرض وخوف فلا يضمن بإيداعها عند تعذر المالك ووكيله لقاض أمين ثم لعدل (فيضمن) الوديعة; لأن المالك لم يرض بأمانة غيره ولا يده، أي يصير طريقا في ضمانها، فعُلم أن القرار على من تلفت عنده ما لم يكن الثاني جاهلا; لأن يده يد أمانة، وللمالك تضمين من شاء فإن ضمن الثاني وهو جاهل رجع -وإن كان التلف عنده- على الأول، أو عالمٌ فلا; لأنه غاصب، أو ضمّن الأول رجع على الثاني إن علم لا إن جهل (وقيل إن أودع القاضي لم يضمن) ; لأنه نائب الشرع، والأصح أنه لا فرق وإن غاب المالك; لأنه قد لا يرضى به، نعم إن طالت غيبته عرفا -وإن كان لدون مسافة القصر- جاز إيداعها للقاضي، ومحل ذلك في قاضٍ ثقة أمين (١). ويلزم القاضي قبول عين الغائب إن كانت أمانة بخلاف الدين والمضمونة; لأن بقاءهما في ذمة المدين ويد الضامن أحفظ (٢) (وإذا لم يُزِل يده عنها جازت) له (الاستعانة بمن يحملها) ولو خفيفة أمكنه حملها من غير مشقة (إلى الحرز) أو يحفظها ولو أجنبيا إن بقي نظره عليها كالعادة، نعم يشترط كونه ثقة إن غاب عنه لا إن لازمه كالعادة، ويؤيده قولهم متى كانت بمخزنه فخرج واستحفظ عليها ثقة يختص به -أي بأن يقضي العرف بغلبة استخدامه له- لم يضمن وإن لم يلاحظه بخلاف ما إذا استحفظ غير ثقة، أو من لا يختص به، أو وضعها بغير مسكنه ولم يلاحظها (٣) (أو يضعها في خِزانة) من خشب أو بناء مثلاً (مشتركة) بينه وبين الغير. ويظهر أنه يشترط ملاحظته لها وعدم تمكين الغير منها إلا إن كان ثقة (وإذا أراد سفرا) مباحا كما مر وإن قصُر، والتقييد بالمباح هنا ليس بالنسبة للرد للمالك أو وكيله بل لمن بعدهما (فليرد) الوديع بنفسه لا وكيله إلا إن كان من عيال الموكل وكان ثقة مأمونا (٤) (إلى المالك) أو وليه (أو وكيله) العام أو الخاص بها حيث لم يعلم رضاه


(١). وفاقا للمغني وخلافا للنهاية.
(٢). والكلام في مدين ثقة وحيث لم يخف الفوات، وإلا وجب الأخذ عينا أو دينا.
(٣). صريح المغني أنه راجع إلى قوله: ((أو وضعها)) .. الخ فقط.
(٤). ذكره الشارح في الوكالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>