للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا جُنُونٌ عَلَى المَذْهَبِ. فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمٍ بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ قَالَ الْأَكْثَرُونَ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ أَوْ لَحِقَهُ بِالصَّوْمِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَوْ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضٍ كَفَّرَ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَوْ فَقِيرًا لَا كَافِرًا،

(وكذا جنون) فات به يوم فأكثر لا يضر في التتابع (على المذهب)؛ إذ لا اختيار له فيه، نعم إن تقطع جاء فيه تفصيل الحيض، ويؤخذ من العلة أنه لو اختاره بشرب دواء يجنن ليلا انقطع، ويُفرق بينه وبين من استعجل الحيض بدواء بأن الحيض يعهد كثيرا تقدمه وتأخره عن وقته فلم تمكن نسبة مجيئه لاختيارها كما في الجنون الذي لا يترتب عرفا في مثل ذلك إلا على فعلها، ومثل الجنون الإغماء المبطل للصوم (فإن عجز عن الصوم) أو تتابعه (بهرم أو مرض، قال الأكثرون لا يرجى زواله (١) وقال الأقلون كالإمام ومن تبعه وصححه في الروضة يعتبر دوامه في ظنه مدة شهرين بالعادة الغالبة في مثله أو بقول الأطباء، ويظهر الاكتفاء بقول عدل منهم (أو لحقه بالصوم) أو تتابعه (مشقة شديدة) أي لا تحتمل عادة وإن لم تبح التيمم كالشبق، نعم غلبة الجوع ليست عذرا حين الشروع في الصوم -؛ لفقده عذر عليه الجوع حينئذ- فيلزمه الشروع في الصوم، فإذا عجز عنه أفطر وانتقل للإطعام بخلاف الشبق؛ لوجوده عند الشروع إذ هو شدة الغلمة (أو خاف زيادة مرض كفّر) في غير القتل؛ لما يأتي (بإطعام (٢) أي تمليك، ويكفي الدفع للمستحقين وإن لم يوجد لفظ تمليك (ستين مسكينا)؛ للآية، لا أقل حتى لو دفع لواحد ستين مدا في ستين يوما لم يجز بخلاف ما لو جمع الستين ووضع الطعام بين أيديهم وقال ملكتكم هذا وإن لم يقل بالسوية فقبلوه، ولهم في هذه القسمة بالتفاوت بخلاف ما لو قال خذوه ونوى الكفارة فإنه إنما يجزئه إن أخذوه بالسوية وإلا لم يجزئ إلا من أخذ مدا لا دونه (أو فقيرا) -؛ لأنه أسوأ حالا- أو البعض فقراء والبعض مساكين، ولا أثر لقدرته على صوم أو عتق بعد الإطعام ولو لمدٍّ كما لو شرع في صوم يوم من الشهرين فقدر على العتق (لا كافرا) ولا من تلزمه مؤنته ولا مكفيا بنفقة غيره ولا قنا ولو للغير إلا بإذنه وهو مستحق; لأن الدفع له حقيقة.


(١). ظاهر الشارح اعتماده واعتمد مقابله الروض والمنهج والنهاية.
(٢). ويسن أن يقول عند الإعطاء: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم كما مر قبيل زكاة النبات ٣/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>