ابتداء أنت أزنى مني أو من فلان ولم يقل وهو زان ولا ثبت زناه وقد علمه ليس بقذف إلا أن يريده وليس بإقرار به; لأن الناس في تشاتمهم لا يتقيدون بالوضع الأصلي. وقوله أنت أزنى الناس أو أهل بغداد مثلا غير قذف إلا إن قال من زناتهم أو أراده، ولا فرق في كل ذلك بين أن يعلم المخاطِب حال قوله ذلك أن المخاطَب زوج أو غيره. (وقوله) لواضح (زنى فرجك أو ذكرك) أو قبلك أو دبرك، ولخنثى زنى ذكرك وفرجك بخلاف ما لو اقتصر على أحدهما فإنه كناية (قذف)؛ لذكرِهِ آلة الوطء أو محله، وكذا زنيت في قبلك لامرأة -لا رجل فإنه كناية; لأن زناه بقبله لا فيه- وإنما كان قوله لها زنيت بقبلك صريح؛ لأن زناها قد يكون بقبلها بأن تكون هي الفاعلة لطلوعها عليه. (والمذهب أن قوله) زنى (يدك أو عينك) أو رجلك (ولولده) أي كل من له ولادة عليه وإن سفل أنت ولد زنا كان قاذفا لأمه أو (لست مني أو لست ابني) أو لأخيه لست أخي (كناية)؛ لاحتماله، وفي الخبر الصحيح إطلاق الزنا على نظر العين ونحوه، ومن ثم لو قال زنت يدي ونحوه لم يكن مقرا بالزنا قطعا، ولو قال زنى بدنك فصريح في القذف أو زنى بدني لم يكن إقرارا بالزنا (و) أن قوله (لولد غيره لست ابن فلان صريح) في قذف أمه، وفارق الأب بأنه يحتاج لزجر ولده وتأديبه بنحو ذلك فقرب احتمال كلامه له بخلاف الأجنبي، ولا يقبل قوله قصدت وطء الشبهة؛ لندرته. وخرج بقوله لست ابن فلان قوله لقرشي مثلا لست من قريش فإنه كناية (إلا) إذا قال ذلك (لمنفي) نسبه (بلعان) في حال انتفائه فلا يكون صريحا في قذف أمه؛ لاحتمال إرادته لست ابن الملاعن شرعا بل هو كناية فيستفسر فإن أراد القذف حد وإلا حلف وعزر؛ للإيذاء، أما إذا قاله بعد استلحاقه فيكون صريحا في قذفها فيحد ما لم يدع أنه أراد لم يكن ابنه حال النفي ويحلف عليه ويعزر.
(ويحد قاذف محصن)؛ لآية {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} النور: ٤، نعم لو قذفه فعفا عنه ثم قذفه ثانيا لم يجب غير التعزير ويؤيد ذلك أنه لو حُدَّ ثم قذف ثانيا عزر؛ لظهور كذبه بالحد والعفو كالحد (ويُعزر غيره) أي قاذف غير المحصن؛ للإيذاء سواء في ذلك الزوج وغيره ما لم يدفعه