للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَأَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا تَجِبُ، وَالثَّالِثُ لِأَصْلٍ، لَا فَرْعٍ. قُلْتُ: الثَّالِثُ أَظْهَرُ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَهِيَ الْكِفَايَةُ. وَتَسْقُطُ بِفَوَاتِهَا، وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ، أَوْ إذْنِهِ فِي اقْتِرَاضٍ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ

(وإلا) يكن غير المكتسب كذلك (فأقوال أحسنها تجب) للأصل والفرع ولا يكلفان الكسب؛ لحرمتهما، وثانيها لا تجب; لأنه غني (والثالث) تجب (لأصل) فلا يكلف كسبا (لا فرع) بل يكلف الكسب، نعم لا تكلف الأم أو البنت التزوج; لأن حبس النكاح لا غاية له بخلاف سائر الأكساب، وبتزوجها تسقط نفقتها بالعقد وإن كان الزوج معسرا ما لم تفسخ؛ لتعذر إيجاب نفقتين، نعم محله في مكلفة فغيرها لا بد من التمكين وإلا لم تسقط عن الأب (قلت الثالث أظهر والله أعلم)؛ لتأكد حرمة الأصل، ومحل ذلك إن لم يشتغل بمال الولد ومصالحه وإلا وجبت نفقته جزما. والأوجه عدم وجوبها لفرع كبير لم تجر عادته بالكسب أو شغله عنه اشتغال بالعلم.

(وهي الكفاية)؛ لخبر ((خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف))، فيجب أن يعطيه كسوة وسكنى تليق بحاله وقوتا وأدما يليق بسنه -كمؤنة الرضاع حولين- ورغبته وزهادته بحيث يتمكن معه من التردد كالعادة ويدفع عنه ألم الجوع لا تمام الشبع -أي المبالغة فيه- وأما إشباعه فواجب، وأن يخدمه ويداويه إن احتاج، وأن يبدل ما تلف بيده، وكذا إن أتلفه لكن الرشيد يضمنه إذا أيسر. (وتسقط) مؤن القريب التي لم يأذن المنفق لأحد في صرفها عنه لقريبه (بفواتها) بمضي الزمن وإن تعدى المنفق بالمنع; لأنها وجبت لدفع الحاجة الناجزة مواساة وقد زالت بخلاف نفقة الزوجة، نعم لو نفاه ثم استلحقه رجعت أمه مثلا عليه بمؤن الولد، ويوجه بأن مزيد تقصيره بالنفي الذي بان بطلانه برجوعه أوجب عقوبته بإيجاب ما فوته به، وكذا نفقة الحمل -وإن جعلت له- لا تسقط بمضي الزمان; لأن الحامل لمَّا كانت هي المنتفعة بها التحقت بنفقتها (ولا تصير دينا)؛ لما ذكر (إلا بفرض قاضٍ) وإن لم يأذن (١) لمن ينفق عليه، فيكفي قوله فرضت أو قدَّرت لفلان على فلان كل يوم كذا لكن يشترط أن يثبت عنده احتياج الفرع وغِنى الأصل (أو إذنه) ولو للممون إن تأهل (في اقتراض) وإن تأخر الاقتراض عن الإذن، وإنما تصير دينا بأحد هذين إن كان (لغيبة) للمنفق (أو منع) صدر منه،


(١). خلافا لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>