للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرْطُهَا سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يَنْقُصُ لَحْمًا فَلَا تُجْزِي عَجْفَاءُ، وَمَجْنُونَةٌ، وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ،

(وشرطها) أي الأضحية لتجزئ حيث لم يلتزمها ناقصة (سلامة) وقت الذبح حيث لم يتقدمه إيجاب وإلا فوقت خروجها عن ملكه (من عيب يَنْقُصُ لحما) حالا كقطع فلقة كبيرة من نحو فخذ، أو مآلا كعرج بيِّن؛ لأنه ينقص رعيها فتنهزل والقصد هنا اللحم فاعتبر ضبطها بما لا يُنْقِصْهُ كما اعتبرت في عيب المبيع بما لا ينقص المالية؛ لأنها المقصودة ثَم، ويلحق باللحم ما في معناه من كل مأكول فلا يجزئ مقطوع بعض ألية أو أذن كما يأتي. أما لو التزمها ناقصة كأن نذر الأضحية بمعيبة أو صغيرة أو قال جعلتها أضحية فإنه يلزمه ذبحها ولا تجزئ أضحية وإن اختص ذبحها بوقت الأضحية وجرت مجراها في الصرف. وأفهم قولنا ((وإلا الخ)) أنه لو نذر التضحية بهذا وهو سليم ثم حدث به عيب ضحى به وثبتت له أحكام التضحية، وأفهم المتن عدم إجزاء التضحية بالحامل وهو كذلك بخلاف قريبة العهد بالولادة (١)، ويفرق بينها وبين الحامل بأن الحمل يفسد الجوف ويُصيِّر اللحم رديئا، وبالولادة زال هذا المحذور (فلا تجزئ عجفاء) وهي التي ذهب مخها من الهزال بحيث لا يرغب في لحمها غالب طالبي اللحم في الرخاء؛ للخبر الصحيح ((أربع لا تجزئ في الأضاحي العوراء البيِّن عورها، والمريضة البيِّن مرضها، والعرجاء البيِّن عرجها، والكسيرة))، وفي رواية ((العجفاء التي لا تُنقى)) أي لا مخ لها (ومجنونة) -أي تولاء؛ إذ حقيقة الجنون ذهاب العقل- وذلك؛ للنهي عنها ولأنها تترك الرعي أي الإكثار منه فتهزل، فلا تجزئ ولو سمينة؛ لأنها مع ذلك تسمى معيبة (ومقطوعة بعض) ضرع أو ألية أو ذنب أو بعض (أذن) أبين وإن قل حتى لو لم يلح للناظر من بُعْد؛ لذهاب جزء مأكول ولما في خبر الترمذي ((أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر باستشراف العين والأذن)) أي بتأملهما؛ لئلا يكون فيهما نقص وعيب، و ((نهى عن المقابلة)) أي مقطوع مقدم أذنها، ((والمدابرة)) أي مقطوعة جانبها، ((والشرقاء)) أي مثقوبتها، ((والخرقاء)) أي مشقوقتها. وأفهم المتن عدم إجزاء مقطوعة كل الأذن وكذا فاقدتها بخلاف فاقدة الألية; لأن المعز لا ألية له، والضرع; لأن الذكر لا ضرع له والأذن عضو لازم غالبا، وألحقا الذنب بالألية.


(١). وفاقا للنهاية وخلافا للمغني.

<<  <  ج: ص:  >  >>