للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: تَحْنِيثُهُ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ، وَالتَّطَهُّرِ غَلَطٌ لِذُهُولٍ، وَاسْتِدَامَةُ طِيبٍ لَيْسَتْ تَطَيُّبًا فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا وَطْءٌ وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا حَنِثَ بِدُخُولِ دِهْلِيزٍ دَاخِلَ الْبَابِ، أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ لَا بِدُخُولِ طَاقٍ قُدَّامَ الْبَابِ،

في ذلك النحوي وغيره (قلت: تحنيثه (١) باستدامة التزوج والتطهر غلط لذهول) ; إذ لا يقدران بمدة كالدخول والخروج فلا يقال تزوجت ولا تسريت ولا تطهرت شهرا مثلا بل منذ شهر، ومحل عدم الحنث فيهما إن لم ينو استدامتهما وإلا حنث بها جزما، (واستدامة طيب ليست تطيبا في الأصح)؛ إذ لا يُقَدَّر عادة بمدة، (وكذا وطء) وغصب (وصوم (٢) وصلاة (٣) فلا يحنث باستدامتها في الأصح، (والله أعلم) وكل عقد أو فعل يحتاج لنية لا تكون استدامته كابتدائه. ولو حلف لا يغصب فاستدام فلا يحنث؛ إذ استدامة الغصب ليست غصباً حقيقة بل حكماً، واستدامة السفر سفر ولو بالعود منه، نعم إن حلف على الامتناع منه لم يحنث بالعود. وعُلم مما تقرر أن كل ما يُقَدَّر عرفا بمدة من غير تأويل يكون دوامه كابتدائه فيحنث باستدامته وما لا فلا. ولو حلف لا يقيم بمحل ثلاثة أيام وأطلق فأقام به يومين ثم سافر ثم عاد فأقام به يوما لم يحنث (٤). ولو حلف لا تمكث زوجته في الضيافة أكثر من ثلاثة أيام فخرجت منها الثلاث فأقل ثم رجعت إليها فلا حنث نظير ما مر. (ومن حلف لا يدخل دارا) عيَّنها ومثلها نحو المدرسة والرباط والمسجد (حنث بدخول دِهليز) وإن طال (داخل الباب أو بين بابين) ; لأنه حينئذ من الدار، ومحله إن لم يكن فيه باب دار أخرى وإلا فحكمه ما يأتي في الدرب أمام الباب المسقف الذي عليه باب (لا بدخول طاق (٥) معقود (قدام الباب) ; لأنه ليس منها عرفا وإن كان مبنيا على تربيعها ويدخل في بيعها، نعم إن جعل عليه باب حنث


(١). وعليه فلا يحنث باستدامة التسري خلافا للنهاية ووالده.
(٢). ولو قال: ((متى وجب عليكِ صوم فأنتِ طالق)) فحاضت لم تطلق؛ لأن الأصح أن الصوم لم يجب عليها أصلا وإن وجب قضاؤه كما ذكره الشارح في باب الحيض ١/ ٣٨٧.
(٣). ولو حلف لا يصلي حنث بصلاة فاقد الطهورين كما ذكره الشارح قبيل باب الحيض ١/ ٣٧٨.
(٤). كما أفهمه كلام الشارح آخرا، وذلك؛ لأن التتابع هو المتبادر عرفا، بل جزم به الشارح في تعليق الطلاق خلافا للنهاية فاعتمد الحنث.
(٥). فسره الشارح بأنه ثخانة الحائط المعقود عليه-أي الحائط- قدام أبواب دور الأكابر، وقال ابن منظور: هو ما عطف من الأبنية، لسان العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>