للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق بين الحكم بالموجب والحكم بالصحة (١) أن الحكم بالموجب يتناول الآثار الموجودة والتابعة لها (٢) بخلافه بالصحة (٣) فإنه إنما يتناول الموجودة فقط، فلو حكم شافعي بموجب الهبة للفرع لم يكن للحنفي الحكم بمنع رجوع الأصل؛ لشمول حكم الشافعي للحكم بجوازه، أو بصحتها لم يمنعه من ذلك، ولو حكم حنفي بصحة التدبير لم يمنع الشافعي من الحكم بصحة بيع المدبر، أو بموجبه منعه، أو مالكي بصحة البيع لم يمنع الشافعي من الحكم بخيار المجلس مثلا أو بموجبه منعه (٤) ومنع العاقدين من الفسخ به; لاستلزامه نقض حكم الحاكم مع نفوذه ظاهرا وباطنا كما يأتي. ولو حكم شافعي بموجب إقرار بعدم الاستحقاق منع الحنفي من الحكم بعدم قبول دعوى السهو; لأن موجبه مفرد مضاف لمعرفة فيعم فكأنه قال حكمت بكل مقتضى من مقتضياته، ومنها (٥) سماع دعوى السهو أو بموجب بيع فبان أن البائع وقفه قبل البيع على نفسه فضمن حكمه إلغاء الوقف فيمتنع على الحنفي الحكم بصحته. ولو حكم شافعي بصحة البيع لم يمنع الحنفي من الحكم بشفعة الجوار في المبيع أو بموجبه منعه، أو مالكي بصحة قرض لم يمنع الشافعي من الحكم بجواز رجوع المقرض في عينه ما دامت باقية بيد المقترض، أو بموجبه منعه، وذلك; لأن الحكم بما ذكر بعد الحكم بالصحة في الكل لا ينافيه بل يترتب عليه فليس فيه نقض له بخلافه بعد الحكم بالموجب، ولهذا آثره الأكثرون وإن كان الأول (٦) أقوى من حيث إنه يستلزم الحكم بملك العاقد مثلا، ومن ثم امتنع على الحاكم الحكم بالصحة إلا بحجة تفيد الملك


(١). يستفاد من كلام الشارح في الإقرار أن كل حكم أجمله القاضي يُحمل على الصحة ٥/ ٤٠٦.
(٢). نقل الشارح في النفقات عن أبي زرعة في شافعي حكم لبائن حائل أنه لا نفقة لها بأن حكمه إنما يتناول يوم الدعوى وما قبله دون ما بعده؛ لأنه لم يدخل وقته، قال الشارح: ومحله إن حكم بموجب البينونة لا بالسقوط؛ لأنه إنما يتناول ما وجب بخلاف الموجب.
(٣). ذكر الشارح قبيل شروط المرهون به ما تستحسن مراجعته هنا ٥/ ٦٢.
(٤). ذكر الشارح في الطلاق أنه لو علق شخص طلاق أجنبية بنكاح وحكم بصحة تعليقه قبل وقوعه حاكم يراه نقض؛ لأنه إفتاء لا حكم؛ إذ شرطه إجماعا وقوعه قبل دعوى ملزمه ٨/ ٤٢.
(٥). أي من مقتضيات الإقرار.
(٦). أي الحكم بالصحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>