للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُشْتَرَطُ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ الْقَوْلُ فَيَقُولُ الْقَاذِفُ قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهِ وَلَا أَعُودُ إلَيْهِ، وَكَذَا شَهَادَةُ الزُّورِ. قُلْت: وَغَيْرُ الْقَوْلِيَّةِ يُشْتَرَطُ إقْلَاعٌ، وَنَدَمٌ،

بحسن سريرته. والأصح أنها تقريب لا تحديد، وقد لا يحتاج لها (١) كشاهد بزنا حد لنقص النصاب فتقبل عقب ذلك، وكمخفي فسق أقر به ليستوفى منه فتقبل منه حالا أيضا; لأنه لم يظهر التوبة عما كان مستورا إلا عن صلاح، وكناظر وقف تاب فتعود ولايته حالا كولي النكاح، وكقاذف غير المحصن (٢)، وكمرتد أسلم اختيارا وكان عدلا قبل الردة; لأنه لم يبق بعد إسلامه احتمال. ولا بد من السنة في التوبة من خارم المروءة وكذا من العداوة (ويشترط في) صحة (توبة) أيّ (معصية قولية) من حيث حق الآدمي كالقذف والغيبة (٣) (القول)؛ قياسا على التوبة من الردة بالشهادتين. وخرج بالقولية الفعلية فلا يشترط فيها قول; لأن الحق فيها متمحض إلى الله تعالى فأدير الأمر فيها على الصدق باطنا (فيقول القاذف) وإن كان قذفه بصورة الشهادة لكون العدد لم يتم (قذفي باطل وأنا نادم عليه ولا أعود إليه) أو ما كنت محقا في قذفي وقد تبت منه أو نحو ذلك، ولا يلزمه أن يتعرض لكذبه; لأنه قد يكون صادقا، ثم إن اتصل ذلك بالقاضي بإقرار أو ببينة اشترط أن يقول ذلك بحضرته وإلا فلا، نعم لا بد أن يقول بحضرة من ذكره بحضرته أوَّلا. وليس كالقذف فيما ذكر قوله لغيره يا ملعون أو يا خنزير ونحوه فلا يشترط في التوبة منه قول; لأن هذا لا يتصور إيهام أنه محق فيه حتى يبطله بخلاف القذف، (وكذا شهادة الزور) يشترط في صحة التوبة منها قول نحو ما ذكر كشهادتي باطلة وأنا نادم عليها ولا أعود إليها، ويكفي كذبت فيما قلت ولا أعود إلى مثله. ولا يثبت الزور بالبينة؛ لاحتمال أنها زور، نعم يستفاد بها جرح الشاهد فتندفع شهادته; لأنه جرح مبهم فوجب التوقف لأجله. (قلت: و) المعصية (غير القولية) لا يشترط فيها قول كما مر، وإنما (يشترط) في صحة التوبة منها كالقولية أيضا (إقلاع) منها حالا إن كان متلبسا بها أو مصرا على معاودتها (وندم) من حيث المعصية لا لخوف عقاب لو اطلع عليه أو لغرامة مال أو نحو


(١). ومن ذلك الولي إذا تاب فيزوج حالا، وقاتل الصيد وهو محرم كذلك، كما ذكره الشارح في الحج ٤/ ١٨٨.
(٢). خلافا للنهاية مطلقا والروض حيث قيد كلام الشارح بما إذا لم يكن فيه إيذاء، وإلا فلا بد من استبراء.
(٣). وتقدم في الخطبة المسائل التي تباح فيها الغيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>