للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَزْمٌ أَلَّا يَعُودَ، وَرَدُّ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ

ذلك (وعزم ألا يعود) إليها ما عاش إن تصور منه وإلا كمجبوب بعد زناه لم يشترط فيه العزم على عدم العود له اتفاقا. ويشترط أيضا أن لا يغرغر، وأن لا تطلع الشمس من مغربها (ورد ظلامة آدمي) يعني الخروج منها بأي وجه قدر عليه مالا كانت أو عرضا نحو قود وحد قذف (إن تعلقت به) سواء أتمحضت له أم كان فيها مع ذلك حق مؤكد لله تعالى كزكاة، وكذا نحو كفارة وجبت فورا (والله أعلم)؛ للخبر الصحيح ((من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليستحله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم))، فإن أفلس لزمه الكسب كما مر، وإن تعذر وجود المالك ووارثه سلمه لقاضٍ ثقة، فإن تعذر صرفه فيما شاء من المصالح عند انقطاع خبره بنية الغرم له إذا وجده، فإن أعسر عزم على الأداء إذا أيسر، فإن مات قبله انقطع عنه الطلب في الآخرة إن لم يعص بالتزامه ويُرجى من فضل الله تعالى تعويض المستحق. وإذا بلغت الغيبة المغتاب اشترط استحلاله فإن تعذر بموته أو تعسَّر لغيبته الطويلة استغفر له، ولا أثر لتحليل وارث، ولا مع جهل المغتاب بما تحلل منه. وإن لم تبلغه كفى الندم والاستغفار له، وكذا يكفي الندم والإقلاع عن الحسد. ويسن للزاني ككل من ارتكب معصية لله الستر على نفسه بأن لا يظهرها ليحد أو يعزر، لا أن لا يتحدث بها تفكها أو مجاهرة فإن هذا حرام قطعا، وكذا يسن لمن أقر بشيء من ذلك الرجوع عن إقراره به، ولا يخالف هذا قولهم يسن لمن ظهر عليه حد لله أن يأتي الإمام ليقيمه عليه لفوات الستر; لأن المراد بالظهور هنا أن يطلع على زناه مثلا من لا يثبت الزنا بشهادته (١) فيسن له ذلك. أما حد الآدمي أو القود له أو تعزيره فيجب الإقرار به ليستوفى منه. ويسن لشاهد الأول الستر ما لم ير المصلحة في الإظهار، ومحله إن لم يتعلق بالترك إيجاب حد على الغير وإلا كثلاثة شهدوا بالزنا لزم الرابع الأداء وأثم بتركه. وليس استيفاء نحو القود مزيلا للمعصية -التي هي حق لله تعالى- بل لا بد معه من التوبة (٢) بخلاف حق الآدمي فيسقط بالقود. وتصح توبته من ذنب وإن كان مرتكبا لذنوب أخرى،


(١). خلافا لشرح الروض من أن المراد بالظهور الشهادة، ووفاقا للمغني وشرح المنهج.
(٢). والخلاف في الظاهر، أما فيما بينه وبين الله تعالى فحيث صحت توبته سقط بها سائر الحدود قطعاً، ومن حد في الدنيا لم يعاقب في الآخرة على ذلك الذنب، بل على الإصرار عليه إن لم يتب، ذكره الشارح في قطع الطريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>