للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ عَلَى الْأَسَنِّ النَّسِيبِ. وَالجَدِيدُ تَقْدِيمُ الْأَسَنِّ عَلَى النَّسِيبِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا فَبِنَظَافَةِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ، وَحُسْنِ الصَّوْتِ. وَطِيبِ الصَّنْعَةِ وَنَحْوِهَا

على الأورع، والمراد بالأقرأ الأصح قراءة فإن استويا في ذلك فالأكثر قراءة ولا يتميز قارئ القراءات السبع عن غيره، ويقدم الأزهد على الأورع؛ إذ الزهد تجنب بعض الحلال والورع تجنب الشُّبه؛ خوفا من الله تعالى. ولو تميز المفضول من هؤلاء الثلاثة ببلوغ أو إتمام (١) أو عدالة أو معرفة نسب كان أولى، (ويقدم الأفقه والأقرأ) وكذا الأورع (على الأسن النسيب)؛ لأن فضيلة كل من الأولين لها تعلق تام بصحة الصلاة أو كمالها، (والجديد تقديم الأسن) في الإسلام (على النسيب (٢) وهو المنسوب لمن يعتبر في الكفاءة كالعرب بتفصيلهم وكالعلماء ونحوهم؛ لأن فضيلته في آبائه والأول في ذاته، ولا عبرة بسن في غير الإسلام فيقدم شاب أسلم أمس على شيخ أسلم اليوم، نعم لو أسلما معا قُدِّم الأسن، ومن أسلم بنفسه أولى ممن أسلم بالتبعية؛ لأن فضيلته في ذاته، نعم إن كان بلوغ التابع قبل إسلام المستقل قدم التابع؛ لقِدَم إسلامه. وتعتبر الهجرة أيضا، فيقدم أفقه فاقرأ فأورع فأقدم هجرة بالنسبة لآبائه إلى رسول الله وبالنسبة لنفسه إلى دار الإسلام فأسن فأنسب، ولذا فالمنتسب للأقدم هجرة مقدم على المنتسب لقريش مثلا، (فإن استويا) في الصفات المذكورة (فبنظافة) الذِّكْر بأن لم يسم -أي ممن لم يعلم منه عداوته- بنقص يسقط العدالة، ثُمَّ نظافة (الثوب والبدن وحُسْن الصوت وطيب الصنعة) بأن يكون كسبه فاضلاً كتجارة وزراعة (ونحوها) من الفضائل، وعند استواء ما مر يقدم الأحسن ذِكْراً ثمّ الأنظف ثوبا فوجها فبدنا فصنعة ثمّ الأحسن صوتا فصورة، فإن استويا وتشاحا أقرع، هذا كله حيث لا إمام راتب أو أسقط حقه وإلا قُدِّم الراتب على الكل، والراتب هو من ولاّه الناظر ولاية صحيحة بأن لم يكره الإقتداء به أو كان بشرط الواقف.


(١). بأن أتم والآخر قصر الصلاة.
(٢). فيقدم الأسن مطلقا؛ لأن صلاته أدعى للخشوع سواء اجتمع أسن غير نسيب مع نسيب أو اجتمع نسيبان أحدهما أسن والآخر أقرب كما اعتمده الشارح في كتاب قسم الفيء والغنيمة ٧/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>