للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَقُولُ بَلَدِيٌّ: اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ بِأَغْلَى، وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ؛ بِأَنْ يَتَلَقَّى طَائِفَةً يَحْمِلُونَ مَتَاعًا إلَى الْبَلَدِ فَيَشْتَرِيَهُ مِنْهُم قَبْلَ قُدُومِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ، وَلَهُمْ الخِيَارُ إذَا عَرَفُوا الْغَبْنَ.

الحاضر فيسأله تأخيره عنه؛ لأن النفوس إنما تتشوف للشيء في أول أمره، فلو أراد مالكه تأخير زمن فسأله آخر أن يؤخره عنه لم يحرم (فيقول بلدي) مثلا أو أكثر (اتركه عندي) مثال أيضا (لأبيعه) أو ليبيعه فلان معي أو بنظري (على التدريج بأغلى)؛ للخبر الصحيح ((لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)) (١) فالتحريم خاص بالقائل للمالك ذلك ولأن شأن ذلك التضييق على الناس بخلاف ما لا يحتاج إليه إلا نادرا وما لو قصد المالك بيعه بنفسه تدريجا فسأله آخر أن يفوض له ذلك أو سأله المالك أو سأل هو المالك أن يبيع له بسعر يومه أو استشاره فأشار عليه بما هو الأصلح له؛ لوجوب الإرشاد عليه. ولو قدم من يريد الشراء فتعرض له من يشتري له رخيصا أثم إن كان الشراء بمتاع تعم الحاجة إليه وإن كان بغير ذلك كالنقد فلا؛ لأن النقد لا تعمّ الحاجة إليه. ولا بد هنا وفي ما يأتي إلا ما استثني أن يكون عالما بالنهي أو مقصرا في تعلمه.

(وتلقِّي) أيّ قادم ولو واحدا ماشيا وورد الحديث بالركبان؛ لأنه الأغلب (الركبان) للشراء منهم بأن يخرج لحاجة فيصادفهم فيشتري منهم أو (بأن يتلقى طائفة) وهي تشمل الواحد (يحملون متاعا) وإن ندرت الحاجة إليه (إلى البلد) يعني إلى المحل الذي خرج منه الملتقى أو إلى غيره (فيشتريه منهم) بغير طلبهم (قبل قدومهم) أي لما يمتنع القصر فيه (ومعرفتهم بالسعر)؛ للنهي الصحيح عن ذلك؛ لاحتمال غبنهم، ولا إثم ولا خيار بتلقيهم في البلد قبل الدخول للسوق وإن غبنهم؛ لتقصيرهم، ولا فيما إذا عرفوا سعر البلد الذي قصدوه ولو بخبره إن صدقوه فيه فاشترى منهم به أو بدونه ولو قبل قدومهم؛ لانتفاء الغبن ولا فيما إذا اشترى منهم بطلبهم وإن غبنهم، ولا حرمة إذا لم يعرفوا السعر ولكن اشتراه به أو بأكثر؛ إذ لا ضرر (ولهم الخيار) فورا (إذا عرفوا الغبن) وثبت ذلك وإن عاد الثمن (٢) إلى ما أخبر به؛ للخبر مع عذرهم. ويتوقف ثبوت الخيار على وصولهم البلد (٣). ولو تلقاهم للبيع عليهم


(١). وليس من الحديث زيادة ((في غفلتهم)) خلافا للمغني.
(٢). وفاقا لشيخ الإسلام وخلافا لهما وللشهاب الرملي.
(٣). خلافا لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>