للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ البَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ» فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: ادْخُلْ، وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ، فَدَخَلَ فَوَجَدَ القُفَّ قَدْ مُلِئَ فَجَلَسَ وِجَاهَهُ مِنَ الشَّقِّ الآخَرِ قَالَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ «فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ». (١)

قلت: دلت رواية الباب أن الذي بشرهم بالجنة هو: زَيْد بن أَرْقَم. وفي رواية الصحيحين أنَّ الذي بشرهم بالجنة هو: أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِي. فذهب البيهقي إلي الجمع بين الروايتين علي فرض صحة رواية الباب فقال: عَبْد الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ ضَعِيف فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ كَانَ حَفِظَ هَذَا فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ زَيْد بْن أَرْقَم إِلَيْهِمْ وَأَبُو مُوسَى لَمْ يُعْلِمْهُ فَقَعَدَ عَلَى الْبَابِ فَلَمَّا جَاءُوا رَاسَلَهُمْ عَلَى لِسَانِ أَبِي مُوسَى بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ. (٢)

رابعاً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الرحمة والرضوان.

خامساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: فيه فضيلة هؤلاء الثلاثة وأنهم من أهل الجنة وفضيلة لأبي موسى. وفيه جواز الثناء على الإنسان في وجهه إذا أمنت عليه فتنة الإعجاب ونحوه. وفيه معجزة ظاهرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- لإخباره بقصة عثمان والبلوى وأن الثلاثة يستمرون على الإيمان والهدى. (٣)

وقال ابن حجر: قوله قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم. فيه: وقوع التأويل في اليقظة وهو الذي يسمى الفراسة والمراد اجتماع الصاحبين مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدفن وانفراد عثمان عنهم في البقيع وليس المراد خصوص صورة الجلوس الواقعة. (٤)


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ب/ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا (٥/ ٨ رقم ٣٦٧٤)، ومسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ -رضي الله عنهم- ب/ مِنْ فَضَائِلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه- (٤/ ١٨٦٨ رقم ٢٤٠٣).
(٢) يُنظر "دلائل النبوة" للبيهقي ٦/ ٣٩١.
(٣) يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٥/ ١٧٠.
(٤) يُنظر "فتح الباري" ٧/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>