للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عن سُهَيْل بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، والثوري، وجَرِير بن عبد الحميد، والدَّرَاوَرْدِي، وشَرِيك النخعي، ووُهَيْب بن خالد بن عجلان، وحَمَّاد بن سلمة، وعَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِم، وخَالِد بن عبدالله الطحان، وعَبْدُ الْعَزِيز بْن مُسْلِم القسملي، وعَلِي بْن عَاصِمٍ التميمي، وعبد العزيز بن المختار، والأعمش.

الوجه الثاني: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ ثَابِت، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ولم يروه عن سُهَيْلِ بهذا الوجه إلا حَمَّاد بْن سَلَمَة.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

١) رواية الأكثر عدداً: فرواه بالوجه الأول جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الثاني.

٢) رواية الأحفظ: فرواه بهذا الوجه جماعة من الثقات كسُفْيَان الثوري، ورَوْح بْن الْقَاسِمِ، وغيرهم.

٣) إخراج مسلم لهذا الوجه في صحيحه.

٤) أن حَمَّاد بْن سَلَمَةَ رواه بكلا الوجهين، وحماد قد تُوبع علي الوجه الأول فيرجح من روايته ما تُوبع عليه وما وافق فيه رواية الثقات.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح". قلت: والحديث أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كما سبق بيان ذلك في التخريج.

خامساً: التعليق علي الحديث:

قال الشيرازي رحمه الله: لا يجوز الجلوس علي القبر لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: لأن يجلس أحدكم علي جمرة فتحرق ثيابه حتي تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس علي قبر. ولا يدوسه من غير حاجة لأن الدوس كالجلوس فإذا لم يجز الجلوس لم يجز الدوس فإن لم يكن طريق إلي قبر من يزوره إلا بالدوس جاز له لأنه موضع عذر. (١)

وقال النووي رحمه الله: قَالَ أَصْحَابُنَا تَجْصِيصُ الْقَبْرِ مَكْرُوهٌ وَالْقُعُودُ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَكَذَا الِاسْتِنَادُ إِلَيْهِ وَالِاتِّكَاءُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْبِنَاءُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ الْبَانِي فَمَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ فَحَرَامٌ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ. (٢)


(١) يُنظر "المهذب في فقه الإمام الشافعي" للشيرازي ١/ ٢٥٩.
(٢) يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي ٧/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>