للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١) رواية الأكثر عدداً: حيث رواه اثنان من الرواة، وهذا بخلاف الوجهين الآخرين.

٢) المتابعات: فقد تابع حَفْص، عَنْ هِشَامِ بالوجه الأول: مَخْلَد بْن الْحُسَيْنِ، ومَخْلَد هذا ثقة.

٣) ترجيح الأئمة:

- قال الدارقطني: لما سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعْدٍ رَآنِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَدْعُو بِأُصْبُعِي، فَقَالَ: أَحَدٌ أَحَدٌ. فَقَالَ: يَرْوِيهِ الْأَعْمَش، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ: فَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعْدٍ، وَخَالَفَهُ عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، فَرَوَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِسَعْدٍ، وَقَالَ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ رَأَى سَعْدًا، وَلَمْ يُتَابِعْ حَفْصٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَوْلُ أَبِي مُعَاوِيَةَ أشبه بالصواب.

- قلت: وفي قول الدارقطني: وَلَمْ يُتَابِعْ حَفْصٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَوْلُ أَبِي مُعَاوِيَةَ أشبه بالصواب. في هذا دلالة علي أن طريق حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ــــــ الوجه الثالث ــــــ غير محفوظ. قلت: وأما الوجهين الآخرين: المرفوع، والموقوف. فالمرفوع منهما أصح، والله أعلم.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح".

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا حَفْصٌ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. فلم يتفرد حفص بن غياث برواية هذا الحديث عن هشام بن حسان بل تابعه: مَخْلَد بْن الْحُسَيْن المصيصي كما سبق بيان ذلك في التخريج.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حبان رحمه الله: أَضْمَرَ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْأُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ إِلَى الِاثْنَيْنِ، وَالْقَوْمُ عَهْدُهُمْ كَانَ قَرِيبًا بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ، فَمِنْ أَجْلِهِمَا أَمَرَ بِالْإِشَارَةِ بِأُصْبُعٍ وَاحِدٍ. (١)

وقال الملا علي القاري رحمه الله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا: قَالَ مِيرَكُ: هُوَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ كَمَا وَرَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ. كَانَ يَدْعُو: أَيْ: يُشِيرُ. بِأُصْبُعَيْهِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا الْمُسَبِّحَتَانِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَحِّدْ أَحِّدْ: كُرِّرَ لِلتَّأْكِيدِ فِي التَّوْحِيدِ، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ: أَشِرْ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الَّذِي تَدْعُوهُ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ، وَأَصْلُهُ: وَحِّدْ أَمْرُ مُخَاطَبٍ مِنَ التَّوْحِيدِ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ، قُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً، كَمَا قِيلَ: أَحَدٌ وَإِحْدَى وَأُحَادُ، فَقَدْ بَلَغْتَ بِهَا الْقَلْبَ مَضْمُومَةً وَمَكْسُورَةً أَوْ مَفْتُوحَةً، قَالَهُ الطِّيبِيُّ. وَأَمَّا إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ الْغَيْرِ الْمَضْمُومَةِ فَسَمَاعِيٌّ، وَالْمَعْنَى ارْفَعْ أُصْبُعًا وَاحِدَةً لِأَنَّكَ تُشِيرُ إِلَى وَحْدَانِيَّةِ مَنْ هُوَ وَاحِدٌ لَا ثَانِيَ لَهُ لَا فِي الذَّاتِ وَلَا فِي الصِّفَاتِ، وَلَعَلَّ التَّكْرَارَ لِهَذَا الْمَعْنَى. (٢)


(١) يُنظر "صحيح ابن حبان" ٣/ ١٦٧.
(٢) يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ٢/ ٥٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>