للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وكذلك الحديث بالوجه الثاني ــــ المرفوع ـــــ إسناده "ضعيف" أيضاً، والله أعلم.

قلت: وللحديث شواهد كثيرة مرفوعة، وموقوفة، ومن أمثلها حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود، وفَضَالَةَ بْنُ عُبَيْدٍ مرفوعاً، وعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ موقوفاً.

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ مَعَهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَدَأْتُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ، ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ دَعَوْتُ لِنَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ.

قال الترمذي: حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (١)

وعَنْ فَضَالَةَ بْنُ عُبَيْدٍ قال: سَمِعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «عَجِلَ هَذَا»، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاء. قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (٢)

وعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ -صلى الله عليه وسلم-. (٣) (٤)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته، وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْخَرَّازُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان لكن من حيث الوجه الموقوف ـــــ رواية الباب ـــــ.

وأما من حيث الوجه المرفوع فتابع عَبْدُ الْكَرِيمِ الْخَرَّازُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: قَيْس بن الربيع، وسَلام الخزاز.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قال البغوي: يَنْبَغِي لِمَنْ يُرِيدُ الدُّعَاءَ أَنْ يَبْدَأَ بِحَمْدِ اللَّهِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ يَسْأَلَ حَاجَتَهُ. (٥)


(١) أخرجه الترمذي في "سننه" (٥٩٣)، والبغوي في "شرح السنة" (١٤٠١).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٣٩/ ٣٦٣ رقم ٢٣٩٣٧)، والترمذي في "سننه" (٣٤٧٦)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١٢٠٨)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٧١٠، ٧٠٩)، والطبراني في الكبير" (٧٩٥، ٧٩٤، ٧٩٣، ٧٩٢).
(٣) أخرجه الترمذي في "سننه" (٤٨٦).
(٤) قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: هذا موقوف في حكم المرفوع. قال القاضي أبو بكر بن العربي في العارضة (٢/ ٢٧٤، ٢٧٣) مثل هذا إذا قاله عمر لا يكون إلا توقيفاً لأنه لا يدرك بنظر، ويعضده ما خرج مسلم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ. قلت: أخرجه مسلم في "صحيحه" (٣٨٤) ك/ الصلاة ب/ الْقَوْلِ مِثْلَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ لِمَنْ سَمِعَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ يَسْأَلُ لهُ الْوَسِيلَةَ. يُنظر سنن الترمذي" تحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ٢/ ٣٥٦.
(٥) يُنظر "شرح السنة" للبغوي ٥/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>