للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: فيها: سُلَيْمَانُ بْنِ مُوسَى: قال فيه ابن حجر: صدوق فقيه في بعض حديثه لين، وخُولط قبل موته بقليل. (١) وابْن جُرَيْج قال فيه ابن حجر: ثقة فقيه فاضل، وكان يُدلس ويُرسل. (٢) قلت: وقد صرح بالتحديث كما عند ابن عساكر، وغيره لكن في الطريق إليه ـــــ أي في هذه الطرق التي فيها التصريح بالسماع ـــــ سفيان بن وكيع بن الجراح. قال ابن حجر: كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه. (٣)

قلت: وللحديث شاهد مرسل عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ أَكَلَ بِمُسْلِمٍ أُكْلَةً، أَطْعَمَهُ اللَّهُ بِهَا أُكْلَةً مِنَ النَّارِ، وَمَنْ لَبِسَ بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ ثَوْبًا، أَلْبَسَهُ اللَّهُ بِهِ ثَوْبًا مِنَ النَّارِ، وَمَنْ سَمَّعَ بِمُسْلِمٍ، سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ رَايَا بِمُسْلِمٍ رَايَا اللَّهُ بِه. (٤) قلت: مرسل إسناده صحيح.

وعلي هذا فالحديث بمتابعاته وشواهده يرتقي من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ إِلَّا بَقِيَّةُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

سادساً: التعليق علي الحديث:

قوله -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أُكْلَةً، فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّم: أي كالرجل الذي يقع في عرض أخيه عند من يعاديه وذلك بسبه أو قذفه وكلامه فيه بغير الجميل وذلك كي يتحصل من وراء ذلك علي هدية أو جائزة من طعام أو كساء أو نحو ذلك فإن الله يُطْعمه مثلها من جهنم. وهذا المعني أيضاً في مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- وَمَنْ كُسِيَ بِرَجُلٍ ثَوْبًا، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ. وقوله -صلى الله عليه وسلم- وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يُقِيمُهُ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قال العلماء: أي من قام من أجله مقام سمعة لا لمعنيً استحق به ذلك ولكن ليفضحه ويُسَّمع به فإن الله يفضحه ويُسَّمع به علي رؤوس الأشهاد يوم القيامة. وفي هذا دليل علي أن الجزاء من جنس العمل، وأن الإنسان يعاقب ويجازي من جنس عمله. (٥)


(١) يُنظر "التقريب" صـ ١٩٥.
(٢) يُنظر "التقريب" صـ ٣٠٤.
(٣) يُنظر "التقريب" صـ ١٨٥.
(٤) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ٢٤٦ رقم ٧٠٧)، وابن أبي الدنيا في "ذم الغيبة والنميمة" (١/ ٤٠ رقم ١٣٦).
(٥) يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري ٨/ ٣١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>