للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥) أَنَسُ بْنُ مَالِك -رضي الله عنه-: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (٣).

ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا ما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي عَاصِم الْأَحْوَل، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، واختلف فيه علي ابن عُيَيْنَة من طريقين:

الطريق الأول: ابن عُيَيْنَة، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ.

ولم يروه عن سُفْيَان بن عُيَيْنَة بهذا الوجه إلا: إِبْرَاهِيم بْن بَشَّار الرَّمَادِيّ وهو: صدوق حسن الحديث.

الطريق الثاني: ابن عُيَيْنَة، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ مرسلاً.

ورواه عن سُفْيَان بن عُيَيْنَة بهذا الوجه: عَبْد الرَّزَّاق، والْحُمَيْدِي.

الوجه الثاني: عَاصِم الْأَحْوَل، عَنْ أَنَسٍ.

ولم يروه عنه بهذا الوجه إلا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا. وإِسْمَاعِيل هذا قال فيه ابن حجر: صدوق يُخطئ قليلاً، وقال مرة: ضعيف.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الطريق الثاني من الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

١) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه عن عَاصِم راويان، وهذا بخلاف الأوجه الأخري.

٢) رواية الأحفظ: فرواة هذا الوجه أحفظ وأوثق من رواة الأوجه الأخري.

٣) ترجيح الأئمة:

- قال الدارقطني: عن عاصم، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ مُرْسَلًا، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ الصَّوَابُ. (١)

- وقال العقيلي: في حديث إِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ ــــــ الوجه الثاني ـــــ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، مِنْ قَوْلِهِ. (٢) قلت: فقوله: وَهَذَا يُرْوَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، مِنْ قَوْلِهِ. فيه إشارة إلي أنَّ ذلك هو الوجه الراجح، والله أعلم.

رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني: "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لما رواه الثقات.

وأما الحديث من وجهه الراجح فمرسل إسناده صحيح".

قلت: وللحديث شواهد من أمثلها حديث عِمْرَان بْن حُصَيْن:

فعَنْ قَتَادَة، عَنْ الحَسَن، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ خَيْرَ طِيبِ الرَّجُلِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَخَيْرَ طِيبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ. (٣)


(١) يُنظر "العلل" للدارقطني ١٢/ ١٠٤.
(٢) يُنظر "الضعفاء" للعقيلي ٢/ ١٠٩.
(٣) أخرجه الترمذي في "سننه" ك/ الأدب ب/ مَا جَاءَ فِي طِيبِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (٥/ ١٠٧ رقم ٢٧٨٨)، والروياني في "مسنده" (١/ ١٠١ رقم ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>